صلة سورة آل عمران بسورة البقرة
- سورة آل عمران :-
تشرح كثيراً من مجملات سورة البقرة .
- فإذا كانت البقرة : بمنزلة إقامة الحجة ..!!
فإن آل عمران : بمنزلة إزالة الشبهة .
ولهذا ..
تكرر فيها ما يتعلق بالمقصد , الذى هو بيان حقيقة الكتاب .. من إنزال الكتاب , وتصديقه للكتب من قبله ,
والهدى إلى الصراط المستقيم .
وتكررت آية { قولوا آمنا بالله وما أنزل ...}بكمالها . [البقرة ١٣٦،آل عمران ٨٤]
ولذلك :
ذكر فى آل عمران : ما هو تال لما ذكر فى البقرة , أو لازم لها ؛
وللتوضيح اكثر :
ذكر فى البقرة : خلق الناس ,
وذكر في آل عمران : تصويرهم فى الأرحام .
وذكر فى البقرة : مبدأ خلق آدم ,
وذكر في آل عمران : مبدأ خلق أولاده .
- وألطف من ذلك :
أنه افتتح البقرة : بقصة آدم , وخلقه من غير أم ,
وذكر فى آل عمران : نظيره فى الخلق من غير أب , وهو عيسى .
ولذلك : ضرب له المثل بآدم .
واختصت البقرة بآدم :
لأنها من أول السور, وهو أول فى الوجود .
ولأنها الأصل ,
وآل عمران كالفرع والتتمة لها ؛
فاختصت بالأغرب .
ولأنها : خطاب لليهود , الذين قالوا فى مريم ما قالوا , وأنكروا وجود ولد بلا أب؛
ففوتحوا بقصة آدم ؛ لتثبت فى أذهانهم ,
فلا تأتى قصة عيسى إلا وقد ذكر عندهم ما يشهد لها من جنسها .
ولأن قصة عيسى : قيست على قصة آدم , والمقيس عليه لا بد وأن يكون معلوما ؛
لتتم الحجة بالقياس .
- كانت قصة آدم – والسورة التى فيها – جديرة بالتقديم .
كل من السورتين بدأ بذكر الكتاب .
وفى البقرة ذكر عقيب ذلك من يؤمن ومن لا يؤمن .
وفى آل عمران ذكر عقيب ذلك :
الزائغين الذين يتبعون ما تشابه منه,
ثم الراسخين فى العلم الذين يقولون : كل من عند ربنا .
- فى كل من السورتين : محاجة أهل الكتاب.
ففى البقرة : أفاض فى محاجة اليهود , واختصر فى محاجة النصارى، وذلك لأن اليهود متقدمون , فقدم .
وفى آل عمران : أفاض فى محاجة النصارى, واختصر فى محاجة اليهود .
وذلك : لأن النصارى متأخرون , فأخر.
-إذا كان سبحانه وتعالى : قد قال فى سورة البقرة , فى صفة النار
{ أعدت للكافرين }[ البقرة : ٢٤] .
ومع افتتاحها بذكر : المتقين والكافرين معاً!
فقد قال فى هذه سورة آل عمران:
{ وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين }[ آل عمران : ١٣٣ ]
وكأن السورتين – على هذا – بمنزلة سورة واحدة .
- إذا كانت سورة البقرة : قد افتتحت بذكر المتقين , {وأنهم المفلحون}[البقرة : ٢ ،٥]
فقد اختتمت سورة آل عمران :
بقوله تعالى { واتقوا الله لعلكم تفلحون } [ آل عمران : ٢٠٠].
وهذا تناسب واضح بين خاتمة هذه وفاتحة تلك .
- إذا كانت البقرة : قد افتتحت بقوله تعالى { الذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } [البقرة :٤].
فقد ختمت سورة آل عمران : بقوله تعالى
{ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله }
آل عمران:١٩٩]
وهذا – أيضا – تناسب واضح :
بين خاتمة هذه وفاتحة تلك .
- يقول تعالى فى سورة البقرة { من ذا الذى يقرض الله قرضاً حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة .. } [البقرة :٢٤٥].
وقد ورد :أن اليهود لما نزلت هذه الآية قالوا : يا محمد ..!! افتقر ربك حيث يسأل عباده القرض ..!!
فنزل فى آل عمران – قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء..} [آل عمران: ١٨١] .
وهذا : يقوى الصلة والتناسب والتلازم بين السورتين .
– فى البقرة , قول إبراهيم
{ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم .. } [ البقرة : ١٢٩] .
وفى آل عمران امتنان الله على المؤمنين بدعوة إبراهيم عليه السلام .
{ لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. } [ آل عمران:١٦٤].
- الدعاء فى آخر كل منهما .
الدعاء فى البقرة يناسب بدء الدين .
والدعاء فى آل عمران دعاء أهل الدين
إلى غير ذلك : من وجوه الترابط والتناسب والتلازم .
- ومن الأمور المشتركة بين السورتين
سنة الفجر
روى مسلم وأبو داود والنسائي من حديث عثمان بن حكيم ، عن سعيد بن يسار عن ابن عباس ، قال ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما يصلي الركعتين اللتين قبل الفجر ب ( آمنا بالله وما أنزل إلينا ) الآية ، والأخرى ب ( آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) [ آل عمران : ٥٢ ] .
هدف سورة آل عمران
تهدف السورة إلى :
تكوين العقيدة الإسلامية الصحيحة بنداءت ناقش فيها أهل الكتاب وخاصة النصارى فى عقائدهم الباطلة التي هدفها زعزعة العقيدة الإسلامية
وذلك ببيان معنى الدين وأنه الإسلام
وبيان توحيد الأولوهية و توحيد الربوبية وقدرة وملكية الله للكون .
وبيان حال المسلمين مع ربهم واستسلامهم له بالقبول والطاعة والاتباع .
والتحذير من ولاية غير المؤمنين والتقليل من شأنهم .
و تكوين الفرد المسلم والمجتمع المسلم فى : السلم والحرب
مع استعراض الأحداث والوقائع والمشاعر للجماعة المسلمة , وتعليمهم سنة الله فى النصر والهزيمة ,
وتربيتهم بالتوجيهات القرآنية , كما يربيهم بالأحداث الواقعية .
وطعم حلاوة الإيمان فى قلوبهم والصبر في الحرب جهاداً في سبيل الله
وحين توجهوا إلى ربهم بدعاء خاشع واجف ختم به السورة وبدعوتهم إلى الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى؛ لعلهم يفلحون ...
سورة آل عمران
أبرز موضوعات السورة
تنوعت موضوعات السورة
وكلها توضح وتبين هدف السورة العام .
ومن هذه الموضوعات :
القرآن الكريم ، وإنزاله ونوعى آياته وموقف الناس منه.
وذلك بيان لوحدانية الله وتمام ملكه وقيوميته.
{ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ..... )
الحياة الدنيا زينة للناس ،
وأن الآخرة خير لمن كانت تقياً.
يقول تعالى : { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ..... )
( قل أؤنبؤكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات ....)
الدين المقبول عند الله هو الاسلام . والعقاب لمن يكفر به .
يقول تعالى :{ إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلى من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب }
بيان اعمال الكافرين، وصدهم حين يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ،والعذاب المعد لهم.
تبيان لأهل الإيمان الطريقة التى يقابلون بها مواقف الكافرين ، فيرتقون بها إلى مقامات المتقين .
ويكون الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم تعليماً لأمته مثل قوله تعالى :
{ قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير }
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم }
{ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين }.
تصحيح مفاهيم أهل الكتاب عن زكريا ومريم وعيسى عليهم السلام .
الحوار مع أهل الكتاب .
ويبدأ هذا الحوار الشامل بقوله تعالى { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ... } .
وينتهى بندائين لأهل الكتاب :
يزجرهم فيهابالكفر بآيات الله
وبصدهم عن سبيل الله وابتغائهم العوج .
{ قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ، قل يأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من ءامن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون }
النهى عن طاعة أهل الكتاب
لأنهم يريدون ردّ المسلمين عن دينهم ،
والأمر بتقوى الله ، والإعتصام بحبل الله المتين
و النهى عن : طاعة الكافرين عامة وعن اتخاذهم بطانة أومستشارين .
النهى عن مخالفة أوامر الله بأكل الربا والحث على طاعة الله ورسوله .
النهى عن الوهن والحزن والخوف الضعف .
الحديث عن غزوتى بدر وأحد ،
لنقل العبرة والعظة .
تصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة التى كانت شائعة فى صدر الدعوة ،
عن المقتول فى سبيل الله { ولاتحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين...)
وتصحيح نظرة البخلاء { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شرٌ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامه ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير }
والمتخلفين عن الغزو فى سبيل الله،
والذين يكتمون ـ من أهل الكتاب ـ ما أنزل الله من الحق ويخبرون بغيره .
تهديد اليهود، وتكذيبهم.
{ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء
التذكير بطرق التعبد المؤمنين .
{ إن فى خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار }
النهى عن الاغترار بتمكن الكافرين
من البلاد .
يقول تعالى {لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد }.
الأمر بالصبر ، والمصابرة ، وتقوى الله تعالى طلباً للفلاح .
(يأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)..
.
0 التعليقات :
إرسال تعليق