البسمله
الدرس الثاني : البسملة
صيغتها
«بسم الله الرحمن الرحيم»
ولا صيغة لها سوى ذلك من غير خلاف.
معنى البسملة :
(بسم الله الرحمن الرحيم)
ابتدئ باسم الله تلاوتي وكل أموري ملتمسًا عون الله وتوفيقه وبركته
فإنه سبحانه الإله المعبود ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي عمَّ بها جميع مخلوقاته.
وفي البسملة أدب الابتداء باسم الله عز وجل في أمور الإنسان
طلبًا للمعونة والتماسًا للتوفيق ومخالفة لمن يبدأ بسم الآلهة أو باسم الأمة أو باسم الشعب أو غير ذلك.
قال الإمام ابن جرير:
"إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أدَّب نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليمه ذكر الأسماء الحسنى أمام جميع أفعاله،
وجعل ذلك لجميع خلقه سنة يستنون بها". اهـ
و (الله) علم يدل على الذات الإلهية الكريمة الموصوفة بالصفات العلى، وقد حبس الله أفئدة وألسنة الناس عن التسمي بهذا الاسم، فلم يتسم به أحد غيره.
(الرحمن الرحيم)
الرحمن اسم عظيم يدل على كمال الرحمة الإلهية،
والرحيم اسم عظيم يدل على وصول الرحمة إلى عباده وجُمع بينها ليَعلمَ العبادُ أنَّ العلاقة بينهم وبين ربهم قائمةٌ على :
الرحمة والرعاية.
حكم قراءة البسملة
أولاً: خارج الصلاة :
يستحب قراءة البسملة عند ابتداء قراءة القرآن في بداية كل سورة باستثناء سورة براءة فلا يستحب،
وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (البسملة أمانٌ، وبراءة نزلت بالسيف لا أمان فيها).
ثانيًا: داخل الصلاة :
قراءة البسملة في الفاتحة مختلف فيها فذهب بعض العلماء أنها واجبة ،
وذهب الجمهور إلى استحبابها ،
ومع ذلك فالإتيان بها فيه احتياط لدين الإنسان وهذا أفضل.
قرآنية البسملة:
هل البسملة آية من القرآن؟
أولاً: اتفق العلماء على أنَّ البسملة جزءٌ من آية سورة النمل قال سبحانه (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم).
وثانيًا: اتفق العلماء أن البسملة ليست آيةً من التوبة، فالصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها قبلها كما فعلوا مع بقية السور.
وثالثًا: اختلف العلماء في البسملة هل هي آية من الفاتحة أم لا ،
استدل من قال أنها ليست آية منها؛
بقول الله عزَّ وجل في الحديث القدسي:
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد:
(الحمد لله رب العالمين) قال الله عز وجل: حمدني عبدي.) رواه مسلم
يتبع ️
فلم يذكر البسملة،
واستدل من قال إنها آية من الفاتحة
بما روته السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الحمد لله رب العالمين ) وعد البسملة آية من الفاتحة .
وكما أن الصحابة رضوان الله عليه أجمعين أثبتوا البسملة فيما جمعوا من القرآن وكتبوها في المصحف من غير أن ينكر عليهم أحد صنيعهم فدل ذلك على أن البسملة آية من الفاتحة .
والصحيح كذلك أن البسملة تعتبرُ آية نزلت للفصل بين السور.
ثمرات البسملة :
الثمرة الأولى :
حصول البركة من الله، لأنَّ أيَّ عمل لا يبتدأ فيه باسم الله سبحانه وتعالى فهو ناقص لا بركة فيه ولا ثمرة،
ومما أورده العلماء في هذا الموضوع ولم يصححه أكثرهم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(كلُّ أمر لم يذكر اسم الله عليه فهو أقطع)
فاسم الله عز وجل لا يذكر على قليل إلا كثره وباركه،
ولا على عسير إلا يسَّره وسهله،
فالبركة منه سبحانه والخير بيديه
والشر ليس إليه.
الثمرة الثانية:
حصول الحفظ والرعاية للمؤمن؛
حفظ في المال،
وحفظ في الولد،
وحفظ في النفس،
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(لو أنَّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: (بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) فإنه إن يُقدَّر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا) متفق عليه.
والتقصير في ذلك يسلط الشيطان على الإنسان ويجعله يشاركه في أهله كما قال الله سبحانه وتعالى:
"وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً ".
والمؤمن يحتاج إلى حفظ من الشيطان عند خروجه من بيته لئلا يستحوذ عليه الشيطان وقد علمنا رسولنا الكريم عليه صلوات الله وسلامه أنَّ المؤمن إذا خرج من بيته فقال:
(بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: كفيت ووقيت وهديت وتنحى عنه الشيطان) رواه الترمذي
وفي رواية أبي داود فيقول يعني الشيطان لشيطان آخر: ( كيف برجل قد هدي وكفي ووقي). وهو حديث صحيح.
ثم إذا عاد ودخل بيته فذكر الله عند دخوله حفظه الله وحبس عنه شياطين الجن،
قال عليه الصلاة والسَّلام: (إذا دخل أحدكم بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه
قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله على طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) رواه مسلم.
وهكذا تحفظ البيوت وما فيها من خير فلا يصاب أهلها بالأوبئة والأمراض والحريق
وفي الحديث قال- عليه الصَّلاة والسَّلامُ :
(أغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله عليه؛ فإنَّ الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله، وخمِّروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا ...)
متفق عليه
الثمرة الثالثة:
طلب العون من الله عز وجل في كل عمل وهو أدب أدَّب الله به نبيه في بداية الوحي
في قوله سبحانه وتعالى: "اقرأ باسم ربك
الذي خلق "العلق: ١.
الثمرة الرابعة:
تعلق القلب بالله والاستعانة به في كل أمر وهذه فائدة عقدية تربوية كبرى أنَّ الاستعانة لا تكون إلا بالله وحده، ولا تطلب البركة إلا منه،
وبذلك نحمي هذه النفس من الغرور عند فعل الأسباب، فالمؤمن يفعل السبب المأمور به ذاكرًا ربه ويفوض أمره إلى الله فيعطيه الله الخير الكثير
ومن هنا نعرف معنى (بسم الله الرحمن الرحيم) ومدلولها في حياتنا، إنَّها:
اعتماد من العبد الضعيف المحتاج والتجاء إلى الإله العظيم الرحمن الرحيم القوي الذي يعطي عبده المعونة وينزل عليه من التوفيق بقدر ما يحقق من الذل والعبودية والإخلاص.
ولو لم يكن فيها إلا امتثال هدي النبي صلى الله عليه وسلَّم لكان ذلك كافيًا لأن كل خير، وصل إلينا فهو باتباعه عليه الصلاة والسلام
فنسأل الله أن يحيينا على سنته وأن يميتنا على ملته.
أوجه البسملة بين السور :
١- وصل الجميع
ولم يكن له كفواً أحد بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق
٢- قطع الجميع
..ولم يكن له كفواً أحد/
بسم الله الرحمن الرحيم/
قل أعوذ برب الفلق..
٣- قطع الأول ووصل الثاني بالثالث
..ولم يكن له كفواً أحد/
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق..
وهذه الثلاثة الأوجه جائزة
٤- الوجه الرابع
وصل الأول بالثاني وقطع الثالث
ولم يكن له كفواً أحد بسم الله الرحمن الرحيم/
قل أعوذ برب الفلق
وهو غير جائز لكي لا يتوهم أن البسملة تخص نهاية السورة
الوصل بين سورتين
- الوصل بين أي سورتين من سور القرءان الكريم:
لا استعاذة بين سورتين
في أول سورة التوبة ( براءة )
لا بسملة لأول سورة التوبة،
والاستعاذة لها وجهان جائزان:
١-الوصل ( وصل الاستعاذة بأول السورة ) .
٢-الفصل ( الوقف على الاستعاذة ثم البدء بأول السورة ).
البدء بالقراءة وسط السور
للقارئ حينئذ التخيير:
إما أن يأتي بالبسملة بعد الاستعاذة
أو يأتي بالاستعاذة فقط.
الوصل بين سورتي الأنفال و براءة
لا استعاذة و لا بسملة بين الأنفال و براءة
و الوصل بينهما له ٣ أوجه كلها جائزة:
١- الوصل بينهما .
٢- الوقف على آخر الأنفال ثم البدء بأول براءة.
٣- السكت بينهما.
و السكت هو :
قطع الصوت دون تنفس على آخر الكلمة بنية الاستمرار في القراءة و هو حالة من حالات الوصل و ليس الوقف و مقداره الزمني حركتان.
أوجه الاستعاذة و البسملة عند البدء بالقراءة أثناء السور كلها جائزة:
١-- وصل الكل
٢-- فصل الكل
٣-- وصل الأول و فصل الثاني
٤-- فصل الأول و وصل الثاني .
إذا أتى بالاستعاذة فقط :
وجهان ..
- الوقف على الاستعاذة ثم البدء بأول السورة
- وصل الاستعاذة بأول السورة .
و هذه الأوجه كلها جائزة إلا في حالتين:
١ إذا كانت الآية تبدأ باسم الله تعالى، أو أحد الأسماء الحسنى، أو ضمير يعود على الله تعالى، فهنا لا نصل الاستعاذة بأول الآية
تأدباً مع الله
مثال: " اللهُ وَلِيُّ الذينَ ءَامَنُوا "
•" الرَّحْمَنُ على العَرْشِ اسْتَوَى "
آية الكرسي
وكذك عند النداء للنبي عليه الصلاة والسلام أو المؤمنين فالأفضل عدم وصلها بالإستعاذة.
٢-إذا كانت الآية تبدأ بذكر الشيطان أو ضمير يعود عليه فالأفضل عدم وصل البسملة بأول الآية و يكون هناك في هذه ال
حالة وجهان لا نأتي بهما:
- وصل الاستعاذة بالبسملة بأول الآية
-الوقف على الاستعاذة و وصل البسملة بأول الآية ..
مثال:
0 التعليقات :
إرسال تعليق