{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُون}*13* َ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُون}*14* { ٱللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }*15* { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَ مَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }*16*
شرح الكلمات من الجزائري
{ السفهاء }:
جمع سفيه: خفيف العقل لا يحسن التصرف والتدبير.
{ لَقُوا }:
اللقاء: والملاقاة: المواجهة وجهاً لوجه.
{ آمنوا }:
الايمان الشرعى: التصديق بالله وبكل ما جاء به رسول الله عن الله، وأهله هم المؤمنون بحق.
{ خلوا }:
الخلُو بالشيىء: الانفراد به.
{ شياطينهم }:
الشيطان كل بعيد عن الخير قريب من الشر يفسد ولا يصلح من انسان أو جان والمراد بهم هنا رؤساؤهم فى الشر والفساد.
{ مستهزؤون }:
الاستهزاء: الاستخفاف والاستسخار بالمرء.
{ الطغيان }:
مجاوزة الحد فى الأمر والاسراف فيه.
{ تجارتهم }:
التجارة: دفع رأس مال لشراء ما يربح إذا باعه، والمنافقون هنا دفعوا رأس مالهم وهو الإِيمان لشراء الكفر آملين أن يربحوا عزاً وغنى فى الدنيا فخسروا ولم يربحوا إذ ذُلوا وعذبوا وافتقروا بكفرهم.
{ المهتدى }:
السالك سبيلاً قاصدة تصل به إلى ما يريده فى أقرب وقت وبلا عناء والضال خلاف المهتدى وهو السالك سبيلا غير قاصدة فلا تصل به إلى مراده حتى يهلك قبل الوصول.
أيسر التفاسير للجزائري
للآيات الكريمة ١٣ - ١٦
أخبر تعالى عنهم بأن المنافقين إذا قال لهم أحد المؤمنين أصدقوا فى ايمانكم وآمنوا إيمان فلان وفلان مثل عبد الله بن سلام
ردوا قائلين:
أنؤمن إيمان السفهاء الذين لا رد لهم ولا بصيرة
فرد الله تعالى عليهم دعواهم وأثبت السفه لهم ونفاه عن المؤمنين الصادقين ووصفهم بالجهل وعدم العلم.
وما زالت الآيات تخبرُ عن المنافقين وتصف أحوالهم
إذا أخبر تعالى عنهم في الآية الأولى أنهم لنفاقهم وخبثهم إذا لقوا الذين آمنوا فى مكان ما أخبروهم بأنهم مؤمنون بالله والرسول وما جاء به من الدين،
وإذا انفردوا برؤسائهم فى الفتنة والضلالة فلاموهم، عما ادّعوه من الإِيمان
قالوا لهم إنا معكم على دنيكم وَمَا آمنا أبداً.
وإنما أظهرنا الإِيمان استهزاءً وسخرية بمحمد وأصحابه...
أخبر أنه تعالى يستهزىء بهم معاملة لهم بالمثل جزاء وفاقاً
=
ويزيدهم حسب سنته فى أن السيئة تلد سيئة فى طغيانهم لتزداد حيرتهم واضطراب نفوسهم .
كما أخبر فى الآية أن أولئك البعداء فى الضلال قد استبدلوا :
الإيمان بالكفر
والإِخلاص بالنفاق
فلذلك
لا تربح تجارتهم ولا يهتدون الى
سبيل ربح أو نُجْح .
هداية من الجزائري
- التنديد بالمنافقين والتحذير من سلوكهم في مُلاَقَاتِهِمْ هذا بوجه وهذا بوجه آخر وفى الحديث: شراركم ذو الوجهين.
- إن من الناس شياطين يدعون الى الكفر والمعاصى، ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
- بيان نقم الله ، وانزالها بأعدائه عز وجل.
تفسير السعدي
للآيات ١٣ - ١٦
إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس,
أي: كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان,
قالوا بزعمهم الباطل: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون - قبحهم الله - الصحابة رضي الله عنهم,
بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان, وترك الأوطان, ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك, فنسبوهم إلى السفه;
وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى.
فرد الله ذلك عليهم, وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة,
لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه, وسعيه فيما يضرها, وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم،
كما أن العقل والحجا, معرفة الإنسان بمصالح نفسه, والسعي فيما ينفعه,
و[في] دفع ما يضره،
وهذه الصفة منطبقة على
[الصحابة و]المؤمنين وصادقة
عليهم،
فالعبرة بالأوصاف والبرهان, لا بالدعاوى المجردة, والأقوال الفارغة
من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم،
و[ذلك] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين, أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم,
فإذا خلوا إلى شياطينهم - أي: رؤسائهم وكبرائهم في الشر -
قالوا: إنا معكم في الحقيقة, وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم, أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة, ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
قال تعالى:
{ الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }
وهذا جزاء لهم, على استهزائهم بعباده،
فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة,
حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين, لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم،
ومن استهزائه بهم يوم القيامة,
أنه يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا, فإذا مشي المؤمنون بنورهم, طفئ نور المنافقين, وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين,
فما أعظم اليأس بعد الطمع،
{ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ } الآية.
قوله: { وَيَمُدُّهُمْ } أي: يزيدهم
{ فِي طُغْيَانِهِمْ }
أي: فجورهم وكفرهم،
{ يَعْمَهُونَ }
أي: حائرون مترددون, وهذا من استهزائه تعالى بهم.
أولئك, أي: المنافقون الموصوفون بتلك الصفات
{ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى }
أي: رغبوا في الضلالة, رغبة المشتري بالسلعة, التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة.
وهذا من أحسن الأمثلة,
فإنه جعل الضلالة, التي هي غاية الشر, كالسلعة،
وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن،
فبذلوا الهدى
رغبة عنه بالضلالة
رغبة فيها، فهذه تجارتهم, فبئس التجارة, وبئس الصفقة صفقتهم
وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا, فكيف من بذل جوهرة
وأخذ عنها درهما؟"
فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة, واختار الشقاء على السعادة, ورغب في سافل الأمور عن عاليها ؟"
فما ربحت تجارته,
بل خسر فيها أعظم خسارة.
{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
وقوله: { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } تحقيق لضلالهم, وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء, فهذه أوصافهم القبيحة....
التفسير الصـــوتي ...................
للشيخ السعدي
0 التعليقات :
إرسال تعليق