{الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون}*27*ََ
{ لا يستحيى }
: لا يمنعه الحياء من ضرب الأمثال وإن صغرت كالبعوضة أو أصغر منها كجناحها.
{ أن يضرب مثلاً }:
أن يجعل شيئاً مثلا لآخر يكشف عن صفته وحاله فى القبح أو الحسن
{ ما بعوضة }:
ما نكرة بمعنى شىء أيّ شىء كان يجعله مثلاً، أو زائدة.
وبعوضة المفعول الثانى. البعوضة واحدة البعوض وهو صغار البق.
{ الحق }:
الواجب الثبوت الذى يحيل العقل عدم وجوده.
{ الفاسقون }:
الفسق الخروج عن الطاعة، والفاسقون: هم التاركون لأمر الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح، وبترك الشرك والمعاصى.
{ ينقضون }:
النقض الحلّ بعد الإبرام.
{ عهد الله }:
ما عهد به إلى الناس من الإيمان والطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
{ من بعد ميثاقه }
من بعد إبرامه وتوثيقه بالحلف أو الإِشهاد عليه.
{ يقطعون ما أمر الله به أن يوصل }:
من إدامة الإِيمان والتوحيد والطاعة وصلة الأرحام.
{ يفسدون في الأرض }:
الإفساد فى الأرض يكون بالكفر وارتكاب المعاصى.
{ الخاسرون }:
الكاملون فى الخسران بحيث يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة...
أيسرالتفاسير للجزائري
الآيتين ٢٦ - ٢٧
سبب نزول
لما ضرب الله تعالى المثلين السابقين النارى والمائى قال المنافقون:
الله أعلى وأجل أن يضرب هذا المثل فانزل الله تعالى رداً عليهم قوله
{ إن الله لا يستحيي } الآية.
فأخبر تعالى أن لا يمنعه الاستحياء ان يجعل مثلا بعوضة فما دونها فضلاً عما هو أكبر.
وأن الناس حيال ما يضرب الله من أمثال قسمان
مؤمنون فيعلمون أنه الحق من ربهم
وكافرون: فينكرونها ويقولون كالمعترضين: ماذا أراد الله بهذا مثلا!؟
كما أخبر تعالى أن ما يضرب من مثل يهدى به كثيراً من الناس ويضل به كثيرا،
وانه لا يضل به إلا الفاسقين الذين وصفهم بقوله:
{ الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل، ويفسدون فى الأرض }.
وحكم عليهم بالخسران التام
يوم القيامة فقال:
{ أُولئكَ هُمْ الخَاسِرُون }...
هداية الآيات للجزائري
- أن الحياء لا ينبغى أن يمنع من فعل المعروف وقوله والأمر به.
- يستحسن ضرب الأمثال لتقريب المعانى الى الاذهان.
- اذا أنزل الله خيراً من هدى وغيره ويزداد به المؤمنون هدى وخيراً، ويزداد به الكافرون ضلالاً وشرا، وذلك لاستعداد الفريقين النفسى المختلف.
-التحذير من الفسق وما يستتبعه من نقض العهد، وقطع الخير، ومنع المعروف...
تفسير السعدي
الآيتين ٢٦ - ٢٧
يقول تعالى
{ إِن الله لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا }
أي: أيَّ مثل كان
{ بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } لاشتمال الأمثال على الحكمة,
وإيضاح الحق, والله لا يستحيي من الحق، وكأن في هذا, جوابا لمن أنكر ضرب الأمثال في الأشياء الحقيرة،
واعترض على الله في ذلك. فليس في ذلك محل اعتراض.
بل هو من تعليم الله لعباده ورحمته بهم. فيجب أن تتلقى بالقبول والشكر.
ولهذا قال:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ } فيتفهمونها، ويتفكرون فيها.
فإن علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل،
ازداد بذلك علمهم وإيمانهم، وإلا علموا أنها حق،
وما اشتملت عليه حق، وإن خفي عليهم وجه الحق فيها لعلمهم بأن الله لم يضربها عبثا، بل لحكمة بالغة، ونعمة سابغة.
{ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } فيعترضون ويتحيرون، فيزدادون كفرا إلى كفرهم، كما ازداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم،
ولهذا قال:
{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } فهذه حال المؤمنين والكافرين عند نزول الآيات القرآنية.
قال تعالى: { وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ }
فلا أعظم نعمة على العباد من نزول الآيات القرآنية،
ومع هذا تكون لقوم محنة وحيرة [وضلالة] وزيادة شر إلى شرهم،
ولقوم منحة [ورحمة] وزيادة خير إلى خيرهم،
فسبحان من فاوت بين عباده، وانفرد بالهداية والإضلال.
ثم ذكر حكمته في إضلال من يضلهم وأن ذلك عدل منه تعالى فقال:
{ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}
أي: الخارجين عن طاعة الله; المعاندين لرسل الله; الذين صار الفسق وصفهم;
فلا يبغون به بدلا، فاقتضت حكمته تعالى إضلالهم لعدم صلاحيتهم للهدى، كما اقتضت حكمته وفضله هداية من اتصف بالإيمان وتحلى بالأعمال الصالحة.
والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين، وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان; كالمذكور في هذه الآية ونحوها
ونوع غير مخرج من الإيمان كما في قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ َ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } [الآية].ثم وصف الفاسقين
{ الَّذِينَ يَنْقُضونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ }
وهذا يعم العهد الذي بينهم وبينه والذي بينهم وبين عباده الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات،
فلا يبالون بتلك المواثيق;
بل ينقضونها ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه;
وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق.
{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة،
فإن الله أمرنا أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به والقيام بعبوديته،
وما بيننا وبين رسوله بالإيمان به ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه،
وما بيننا وبين الوالدين والأقارب والأصحاب;
وسائر الخلق بالقيام بتلك الحقوق التي أمر الله أن نصلها.
فأما المؤمنون فوصلوا ما أمر الله به أن يوصل من هذه الحقوق، وقاموا بها أتم القيام،
وأما الفاسقون، فقطعوها، ونبذوها وراء ظهورهم;
معتاضين عنها بالفسق والقطيعة;
والعمل بالمعاصي;
وهو: الإفساد في الأرض.
فـ { فَأُولَئِكَ } أي: من هذه صفته
{ هُمُ الْخَاسِرُونَ } في الدنيا والآخرة،
فحصر الخسارة فيهم;
لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم; ليس لهم نوع من الربح؛
لأن كل عمل صالح شرطه الإيمان;
فمن لا إيمان له لا عمل له;
وهذا الخسار هو خسار الكفر، وأما الخسار الذي قد يكون كفرا; وقد يكون معصية;
وقد يكون تفريطا في ترك مستحب، المذكورفي قوله تعالى:
{ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } فهذا عام لكل مخلوق; إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح; والتواصي بالحق; والتواصي بالصبر;
وحقيقة فوات الخير; الذي [كان] العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه....
للشيخ السعدي
ضرب الامثال للناس بالقرآن
مثل البعوضة ليميز قول المؤمنين وقول الكافرين وصفاتهم .
التعريف بالفاسق
سددكن الله
اللهم لا تستدرجنا بالنعم ولا تفاجئنا بالنقم ولا تجعلنا عبرة للأمم وارفع الألم والسقم وجُد علينا بفضلك فأنت أهل الكرم..'
0 التعليقات :
إرسال تعليق