بسم الله الرحمن الرحيم
المشاعر الإيمانية من الآيات
١٥٥ - ١٥٦
جمع الله سبحانه البلاء تحت خمس أمور
الخوف والجوع والنقص في الأموال والأنفس والثمرات ؛ فكل بلية تندرج تحت هذه الخمسة
وبشَر الصابرين ....
فإذا حل بنا البلاء فعلينا بالإسترجاع والرضا بقضاء الله وقدره مستشعرين أن ما أصابنا من الله مولانا وحبيبنا فلا يمكن أن يكون هذا البلاء إلا لجلب خير :
من محو سيئات مهلكة
أو رفعة درجات لم نبلغها بعملنا ....
وتذكري عند فقد الحبيب والقريب
فقدنا لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،
وعند الإبتلاء بأمر آخر تذكري إبتلائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أهله ونفسه وماله وعرضه
وتحلي بما تحلى به من الصبر والرضا والشكر لله ..
وهناك بشرى ....
البشرى
أن الله سبحانه بشر الصابرين بما لم يبشر به غيرهم
فجمع لهم ثلاثة أمور لم تجمع لغيرهم:
(أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ)
(وَرَحْمَةٌ)
(وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
جعلنا الله من الصابرين المسترجعين عند البلاء .
ثم تأتي آية الصفا والمروة بعد آيات الحث على الصبر ومدح الصابرين
ما الرابط بين الآيات
ترقبوا الإجابة في درس الغد بإذن الله
آية وحديث تفسر آية ١٥٥ - ١٥٦
(الم(1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُالَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا يَزَالُ الْبَلَاءُبِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي جَسَدِهِ وَفِي مَالِهِ وَفِي وَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ»..
تفسير السعدي
الآيات ١٥٥ - ١٥٦ - ١٥٧
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن, ليتبين الصادق من الكاذب, والجازع من الصابر, وهذه سنته تعالى في عباده؛
لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان, ولم يحصل معها محنة, لحصل الاختلاط الذي هو فساد, وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر.
هذه فائدة المحن, لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان, ولا ردهم عن دينهم, فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين،
فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده
{ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ } من الأعداء
{ وَالْجُوعِ } أي: بشيء يسير منهما؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله, أو الجوع, لهلكوا, والمحن تمحص لا تهلك.
{ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ } وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية, وغرق, وضياع, وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة, وقطاع الطريق وغير ذلك.
{ وَالْأَنْفُسِ } أي: ذهاب الأحباب من الأولاد, والأقارب, والأصحاب, ومن أنواع الأمراض في بدن العبد, أو بدن من يحبه،
{ وَالثَّمَرَاتِ } أي: الحبوب, وثمار النخيل, والأشجار كلها, والخضر ببرد, أو برد, أو حرق, أو آفة سماوية, من جراد ونحوه. فهذه الأمور, لا بد أن تقع, لأن العليم الخبير, أخبر بها, فوقعت كما أخبر،
فإذا وقعت انقسم الناس قسمين:
جازعين وصابرين،
فالجازع, حصلت له المصيبتان,
فوات المحبوب, وهو وجود هذه المصيبة،
وفوات ما هو أعظم منها, وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر، ففاز بالخسارة والحرمان, ونقص ما معه من الإيمان، وفاته الصبر والرضا والشكران, وحصل [له] السخط الدال على شدة النقصان.
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب, فحبس نفسه عن التسخط, قولا وفعلا, واحتسب أجرها عند الله, وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له, بل المصيبة تكون نعمة في حقه, لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها,
فقد امتثل أمر الله,
وفاز بالثواب، فلهذا قال تعالى:
{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب.
فالصابرين, هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة, والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقوله: { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ }
وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره.
{ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ } أي: مملوكون لله, مدبرون تحت أمره وتصريفه, فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها, فقد تصرف أرحم الراحمين, بمماليكه وأموالهم, فلا اعتراض عليه، بل من كمال عبودية العبد, علمه, بأن وقوع البلية من المالك الحكيم, الذي أرحم بعبده من نفسه،
فيوجب له ذلك:
الرضا عن الله, والشكر له على تدبيره, لما هو خير لعبده, وإن لم يشعر بذلك،
ومع أننا مملوكون لله, فإنا إليه راجعون يوم المعاد, فمجاز كل عامل بعمله،
فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده،
وإن جزعنا وسخطنا, لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر،
فكون العبد لله, وراجع إليه, من أقوى أسباب الصبر.
{ أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور
{ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ } أي: ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة، ومن رحمته إياهم, أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر،
{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } الذين عرفوا الحق, وهو في هذا الموضع, علمهم بأنهم لله, وأنهم إليه راجعون, وعملوا به وهو هنا صبرهم لله. ودلت هذه الآية, على أن من لم يصبر, فله ضد ما لهم, فحصل له الذم من الله, والعقوبة, والضلال والخسار، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين, وأعظم عناء الجازعين،
فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها, لتخف وتسهل, إذا وقعت، وبيان ما تقابل به, إذا وقعت, وهو الصبر، وبيان ما يعين على الصبر, وما للصابر من الأجر، ويعلم حال غير الصابر, بضد حال الصابر. وأن هذا الابتلاء والامتحان, سنة الله التي قد خلت, ولن تجد لسنة الله تبديلا، وبيان أنواع المصائب.
شرح الكلمات للجزائري
{ الابتلاء }: الاختبار والامتحان لإِظهار ما عليه الممتحن من قوة أو ضعف.
{ الأموال }: جمع مال وقد يكون ناطقاً وهو المواشي ويكون صامتاً وهو النقدان وغيرهما
{ المصيبة }: ما يصيب العبد من ضرر في نفسه أو أهله أو ماله.
{ الصلوات }: جمع صلاة وهي من الله تعالى هنا المغفرة لعطف الرحمة عليها.
{ ورحمة }: الرحمة الإِنعام وهو جلب ما يسر ودفع ما يضر، وأعظم ذلك دخول الجنة بعد النجاة من النار.
{ المهتدون }: إلى طريق السعادة والكمال بإيمانهم وابتلاء الله تعالى لهم وصبرهم على ذلك.
أيسر التفاسير للجزائري
الآيات ١٥٥ - ١٥٦ - ١٥٧
يقسم تعالى لعباده المؤمنين على :
أنه يبتليهم بشيء من :
الخوف بواسطة اعدائه واعدائهم وهم الكفار عندما يشنون الحروب عليهم
وبالجوع لحصار العدو ولغيره من الأسباب،
وبنقص الأموال كموت الماشية للحرب والقحط،
وبالأنفس كموت الرجال،
وبفساد الثمار بالجوائح،
كل ذلك لإِظهار :
من يصبر على إيمانه وطاعة ربه بامتثال أمره واجتناب نهيه
ومن لا يصبر فيحرم ولاية الله وأجره، ثم أمر رسوله بأن يبشر الصابرين،
ثم بين حال الصابرين وهي أنهم إذا أصابتهم مصيبة قالوا:
إنا لله، فله أن يصيبنا بما شاء لأنَّا ملكه وعبيده،
وإنا إليه راجعون بالموت فلا جزع إذاً ولكن تسليم لحكمه ورضاً بقضائه وقدره،
وأخبر تعالى مبشراً أولئك الصابرين
بمغفرة ذنوبهم
وبرحمة من ربهم،
وإنهم المهتدون إلى سعادتهم وكمالهم.
فقال: { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك المهتدون }.
0 التعليقات :
إرسال تعليق