{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُون}*22* {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِين}*23*َ {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين}*24*َ
شرح الكلمات للجزائري
اﻵيات ٢٢ ~ ٢٤
{ فراشا }: وطاء للجلوس عليها والنوم فوقها.
{ بناءً }: مَبْنيّة كقبة فوقكم .
{ الثمرات }: جمع ثمرة وهو ما تخرجه الأرض من حبوب وخضر وتخرجه الأِشجار من فواكه.
{ رزقا لكم }: قوتا لكم تقتاتون به فتحفظ حياتكم إلى أجلها.
{ أنداداً }: جمع ندّ: النظير والمثيل تعبدونه دون الله أو مع الله تضادون به الرب تبارك وتعالى.
{ الريب }:
الشك مع اضطراب النفس وقلقها.
{ عبدنا }:
محمد صلى الله عليه وسلم.
{ من مثله }:
مثل القرآن ومثل محمد فى أمّيته.
{ شهداءكم }:
أنصاركم. وآلهتكم التى تدعون انها تشهد لكم عند الله وتشفع.
{ وقودها }:
ما تتقد به وتشتعل وهو الكفار والأصنام المعبودة مع الله عز وجل.
{ أعدت }:
هيئت وأحضرت.
{ الكافرين }:
الجاحدين لحق الله تعالى فى العبادة له وحده المكذبين برسوله وشرعه.
️ أيسر التفاسير للجزائري
للآيات ٢٢ - ٢٤
ختم الله نداءه لهم بتنبيههم عن اتخاذ شركاء له يعبدونهم معه مع علمهم أنهم لا يستحقون العبادة لعجزهم عن نفعهم أو ضرهم...
آية التحدي
لما قرر تعالى فى الآية السابقة
أصل الدين
وهوالتوحيد الذى هو عبادة الله
تعالى وحده
قرر في هذه الآية أصل الدين
وهو : نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وذلك من طريق برهانى وهو ان كنتم فى شك من القرآن الذي أنزلناه على عبدنا رسولنا محمد فأتوا بسورة من مثل سوره
أو من رجل أمى مثل عبدنا فى أميته
فإن لم تأتوا لعجزكم فقوا أنفسكم من
بالإيمان بالوحى الإِلهى وعبادة الله تعالى بما شرع فيه.
هداية الآيات للجزائري
- وجوب عبادة الله تعالى، اذ هى عله الحياة كلها...
- وجوب معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته...
- تحريم الشرك صغيره وكبيره ظاهره وخفيه..
- تقرير نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات نزول القرآن عليه.
- تأكد عجز البشر عن الاتيان بسورة مثل سور القرآن الكريم لمرور
((ألف سنة وأربعمائة وست سنين))كما في كتاب الشيخ
( ألف سنة وأربعمائة واربع وثلاثون سنة )والتحدى قائم ولم يأتوا بسورة مثل سور القرآن لقوله تعالى { ولن تفعلوا }.
- النار تتقى بالايمان والعمل الصالح وفى الحديث الصحيح، " اتقوا النار ولو بشق تمرة
تفسير السعدي
للآيات ٢٢ ~ ٢٤
ثم استدل على وجوب عبادته وحده..
فجعل لكم الأرض فراشا تستقرون عليها, وتنتفعون بالأبنية, والزراعة, والحراثة, والسلوك من محل إلى محل, وغير ذلك من أنواع الانتفاع بها، وجعل السماء بناء لمسكنكم, وأودع فيها من المنافع ما هو من ضروراتكم وحاجاتكم, كالشمس, والقمر, والنجوم.
{ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً }
والسماء: [هو] كل ما علا فوقك فهو سماء,
ولهذا قال المفسرون: المراد بالسماء هاهنا: السحاب، فأنزل منه تعالى ماء،
{ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ }
كالحبوب, والثمار, من نخيل, وفواكه, [وزروع] وغيرها{ رِزْقًا لَكُمْ } به ترتزقون, وتقوتون وتعيشون وتفكهون.
{ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا }
أي: نظراء وأشباها من المخلوقين, فتعبدونهم كما تعبدون الله, وتحبونهم كما تحبون الله, وهم مثلكم, مخلوقون, مرزوقون مدبرون, لا يملكون مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض، ولا ينفعونكم ولا يضرون،
{ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
أن الله ليس له شريك, ولا نظير, لا في الخلق, والرزق, والتدبير, ولا في العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك؟ هذا من أعجب العجب, وأسفه السفه.
وهذه الآية جمعت بين:
الأمر بعبادة الله وحده,
والنهي عن عبادة ما سواه,
وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته,
وبطلان عبادة من سواه,
وهو [ذكر] توحيد الربوبية :
المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير، فإذا كان كل أحد مقرا بأنه ليس له شريك في ذلك, فكذلك فليكن إقراره بأن [الله] لا شريك له في العبادة, وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الباري، وبطلان الشرك.
وقوله تعالى:
{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يحتمل أن المعنى: أنكم إذا عبدتم الله وحده, اتقيتم بذلك سخطه
وعذابه, لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك،
ويحتمل أن يكون المعنى: أنكم إذا عبدتم الله, صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى,
وكلا المعنيين صحيح, وهما متلازمان،
فمن أتى بالعبادة كاملة, كان من المتقين،
ومن كان من المتقين, حصلت له النجاة من عذاب الله وسخطه....
هذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, وصحة ما جاء به،
فقال:
{ وإن كنتم } معشر المعاندين للرسول,
الرادين دعوته, الزاعمين كذبه في شك واشتباه, مما نزلنا على عبدنا, هل هو حق أو غيره ؟
فهاهنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو :
أنه بشر مثلكم, ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم, لا يكتب ولا يقرأ،
فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله, وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه،
فإن كان الأمر كما تقولون,
فأتوا بسورة من مثله,
واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم,
فإن هذا أمر يسير عليكم،
خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة, والعداوة العظيمة للرسول،
فإن جئتم بسورة من مثله, فهو كما زعمتم,وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز, ولن تأتوا بسورة من مثله،
ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم،
فهذا آية كبرى, ودليل واضح [جلي] على صدقه وصدق ما جاء به, فيتعين عليكم اتباعه,
واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة [والشدة],
أن كانت وقودهاالناس والحجارة,
ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب, وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله.
فاحذروا الكفر برسوله, بعد ما تبين لكم أنه رسول الله.
وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي
وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن،
قال تعالى
{ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }
وكيف يقدر المخلوق من تراب, أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟؟؟؟
أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه, أن يأتي بكلام ككلام الكامل, الذي له الكمال المطلق
والغنى الواسع من كل الوجوه؟ هذا ليس في الإمكان, ولا في قدرة
الإنسان،
وكل من له أدنى ذوق ومعرفة [بأنواع] الكلام, إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء, ظهر له الفرق العظيم
وفي قوله:
{ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ } إلى آخره,
دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة: [هو] الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال،
فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق.
وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه, فهذا لا يمكن رجوعه,
لأنه ترك الحق بعد ما تبين له, لم يتركه عن جهل, فلا حيلة فيه.
وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق,
بل هو معرض غير مجتهد في طلبه, فهذا في الغالب أنه لا يوفق.
وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيمدليل على أن أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم, قيامه بالعبودية
التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين.
كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }
وفي مقام الإنزال، فقال:
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ
وفي قوله:
{ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } ونحوها من الآيات, دليل لمذهب
أهل السنة والجماعة, أن الجنة
مخلوقتان خلافا للمعتزلة،
وفيها أيضا, أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار,
لأنه قال:
{ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } فلو كان [عصاة الموحدين] يخلدون فيها, لم تكن معدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة.
وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه, وهو الكفر, وأنواع المعاصي على اختلافها...
للشيخ السعدي
اللهم اجعلهن ممن يخشاك كأنه يراك يارب
0 التعليقات :
إرسال تعليق