ص3
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } *8* { يُخَادِعُونَ ٱللهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }*9
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون}*10*َ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون}*11*َ {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُون} *12*
شرح الكلمات للجزائري
{ ومن الناس }:
من بعض الناس
{ من يقول آمنا بالله }:
صدقنا بالله إلهاً لا إله غيره ولا رب سواه.
{ وباليوم الآخر }:
صدقنا بالبعث والجزاء يوم القيامة.
{ يخادعون الله }:
بإظهارهم الإيمان واخفائهم الكفر.
{ وما يخدعون الا أنفسهم }:
إذ عاقبة خداعهم تعود عليهم لا على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين.
{ وما يشعرون }:
لا يعلمون أن عاقبة خداعهم عائدة عليهم..
{ فى قلوبهم مرض }:
فى قلوبهم شك ونفاق وألم الخوف من افتضاح أمرهم والضرب على أيديهم.
{ فزادهم الله مرضا }:
شكاً ونفاقاً وألماً وخوفاً حسب سنة الله فى أن السيئة لا تعقب إلاّ سيئة.
{ عذاب أليم }:
موجع شديد الوقع على النفس.
{ الفساد فى الأرض }:
الكفر وارتكاب المعاصى فيها.
{ الإِصلاح فى الأرض }:
يكون بالإِيمان الصحيح والعمل الصالح، وترك الشرك والمعاصى.
{ لا يشعرون }:
لا يدرون ولا يعلمون.
أيسر التفاسير للجزائري
الآيات من ٨ - ١٢
مناسبة الآية لما قبلها وبيان معناها:
لما ذكر تعالى المؤمنين الكاملين في إيمانهم
وذكر مقابلهم الكافرون البالغون فى الكفر منتهاه
ذكر المنافقين وهم المؤمنون فى الظاهر الكافرون فى الباطن. وهم شر من الكافرين البالغين فى الكفر أشده.
أخبر تعالى أن فريقاً من الناس وهم المنافقون يدعون الإيمان بألسنتهم ويضمرون الكفر فى قلوبهم
يخادعون الله والمؤمنين بهذا النفاق.
ولما كانت عاقبة خداعهم عائدة عليهم.
كانوا بذلك خادعين أنفسهم لا غيرهم ولكنهم لا يعلمون ذلك ولا يدرون به.
{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }
كما أخبر تعالى أن فى قلوبهممرضا وهو الكذب والنفاق الخوف،
وأن زادهم مرضا عقوبة لهم فى الدنيا وتوعدهم بالعذاب الأليم فى الآخرة بسبب كذبهم وكفرهم.
يخبر تعالى عن المنافقين أنهم إذا قال لهم أحد المؤمنين لا تفسدوا فى الأرض بالنفاق وموالاة اليهود والكافرين
ردوا عليه قائلين: إنما نحن مصلحون فى زعمهم
فأبطل الله تعالى هذا الزعم وقرر أنهم هم وحدهم المفسدون لا من عرضوا بهم من المؤمنين، إلا أنهم لا يعلمون ذلك لاستيلاء الكفر على
قلــــوبهم.
هداية الآيات من الجزائري
- التحذير من الكذب والنفاق والخداع، وأن عاقبة الخداع تعود على صاحبها كما أن السيئة لا يتولد عنها إلا سيئة مثلها.
-ذم الادعاء الكاذب وهو لا يكون غالباً إلا من صفات المنافقين.
- الإِصلاح فى الأرض يكون بالعمل بطاعة الله ورسوله، والافساد فيها يكون بمعصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- العاملون بالفساد فى الأرض يبررون دائما
إفسادهم بأنه إصلاح وليس بإفساد...
تفسير السعدي
الآيات ٨ - ١٢
واعلم أن النفاق هو:
إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف :
النفاق الاعتقادي,
والنفاق العملي،
كالذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
" آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان " وفي رواية: " وإذا خاصم فجر "
وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام, فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها، ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم [من مكة] إلى المدينة, وبعد أن هاجر,
فلما كانت وقعة " بدر " وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم, فأظهر بعضهم الإسلام خوفا ومخادعة, ولتحقن دماؤهم, وتسلم أموالهم, فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم, وفي الحقيقة ليسوا منهم.
فمن لطف الله بالمؤمنين, أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها, لئلا يغتر بهم المؤمنون, ولينقمعوا أيضا عن كثير من فجورهم [قال تعالى]: { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ } فوصفهم الله بأصل النفاق فقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَه وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله: { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }
لأن الإيمان الحقيقي, ما تواطأ عليه القلب واللسان ♡
وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين....
والمخادعة: أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا, ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع،
فهؤلاء المنافقون, سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك, فعاد خداعهم على أنفسهم، فإن هذا من العجائب؛
لأن المخادع, إما أن ينتج خداعه ويحصل له ما يريد أو يسلم, لا له ولا عليه، وهؤلاء عاد خداعهم عليهم, وكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها؛
لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم [شيئا] وعباده المؤمنون, لا يضرهم كيدهم شيئا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان,
فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم, وصار كيدهم في نحورهم, وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا...
والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة.
ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع, بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم, والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك
قوله تعالى:
{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }
والمراد بالمرض هنا:
مرض الشك والشبهات والنفاق،
لأن القلب♡ يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله:
مرض الشبهات الباطلة,
ومرض الشهوات المردية،
فالكفر والنفاق والشكوك والبدع, كلها من مرض الشبهات،
والزنا, ومحبة [الفواحش و]المعاصي وفعلها, من مرض الشهوات ،
كما قال تعالى: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } وهي شهوة الزنا،
والمعافى من عوفي من هذين المرضين
فحصل له اليقين والإيمان, والصبر عن كل معصية, فرفل في أثواب العافية.
وفي قوله عن المنافقين: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين,
وأنه بسبب ذنوبهم السابقة, يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها
كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ }
وقال تعالى:{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }
وقال تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ }
المعصية, المعصية بعدها,
كما أن من ثواب الحسنة, الحسنة بعدها، قال تعالى: { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }
وإذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر والمعاصي, ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين { قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }
فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, +وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح,
قلبا للحقائق,
وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا،
وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية,
مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة, وأرجى
لرجوعه
ولما كان في قولهم:
{ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }حصر للإصلاح في جانبهم - وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح -
قلب الله عليهم دعواهم بقوله:
{ ألا إنهم هم المفسدون } فإنه لا أعظم فسادا ممن كفر بآيات الله, وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه, ووالى المحاربين لله ورسوله, وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح,
فهل بعد هذا الفساد فساد؟"
ولكن لا يعلمون علما ينفعهم,
وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله،
وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادا, لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار, والنبات,بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي،
ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به,
لهذا خلق الله الخلق, وأسكنهم في الأرض, وأدر لهم
الأرزاق
ليستعينوا بها على طاعته
[وعبادته]
فإذا عمل فيها بضده, كان سعيا فيها بالفساد فيها, وإخرابا لها عما خلقت له.
تفسير الصـــوتي ...................
للشيخ السعدي
صفات المنافقين
0 التعليقات :
إرسال تعليق