ملخص تفسير السعدي
الآيات ١٢٢ - ١٣١
كُرر النداء لبني إسرائيل
لتذكيرهم بنعم الله
ولتخويفهم من يوم القيامة.
وأنه لا نفع من أحد في ذلك اليوم وإنما النفع بالعمل الذي قدمه الإنسان، ولاشفاعة إلا بإذن الله ولافداء ولا قبول لعمل نزع منه الإخلاص .
قصة إبراهيم عليه السلام
يخبر الله تعالى عن عبده وخليله, إبراهيم عليه السلام, أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات,أي: بأوامر ونواهي,وكان من أجلِّهم في هذا المقام, الخليل عليه السلام.
فأتم ما ابتلاه الله به,وأكمله ووفاهافشكر الله له ذلك,ولم يزل الله شكورا فقال:
{ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } أي: يقتدون بك في الهدى.
فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام, وأدرك هذا, طلب ذلك لذريته,لتعلو درجته ودرجة ذريته، وهذا أيضا من إمامته, ونصحه لعباد الله, ومحبته أن يكثر فيهم المرشدون،
فلله عظمة هذه الهمم العالية, والمقامات السامية.
فأجابه الرحيم اللطيف, وأخبر بالمانع من نيل هذا المقام؛لا ينال الإمامة في الدين, من ظلم نفسه وضرها, وحط قدرها, لمنافاة الظلم لهذا المقام.
{ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ } أي: مرجعا يثوبون إليه, لحصول منافعهم الدينية والدنيوية, يترددون إليه, ولا يقضون منه وطرا، { و } جعله { أَمْنًا } يأمن به كل أحد, حتى الوحش, وحتى الجمادات كالأشجار.
{ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى }
يحتمل أن يكون المراد بذلك, المقام المعروف الذي قد جعل الآن, مقابل باب الكعبة،
وأن المراد بهذا, ركعتا الطواف, يستحب أن تكونا خلف مقام إبراهيم, وعليه جمهور المفسرين،
{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ } أي: أوحينا إليهما, وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشرك, والكفر والمعاصي, ومن الرجس والنجاسات والأقذار,ليكون { لِلطَّائِفِينَ } فيه{ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُجُود}
دعاء إبراهيم وإسماعيل
وإذ دعا إبراهيم لهذا البيت, أن يجعله الله بلداً آمنا, ويرزق أهله من أنواع الثمرات،
ثم قيد عليه السلام هذا الدعاء للمؤمنين, تأدبا مع الله, إذ كان دعاؤه الأول, فيه الإطلاق فجاء الجواب فيه مقيدا بغير الظالم.
فلما دعا لهم بالرزق, وقيده بالمؤمن, وكان رزق الله شاملا للمؤمن والكافر, والعاصي والطائع,
{ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } أي: الجئه وأخرجه مكرها { إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }
واذكر إبراهيم وإسماعيل, في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس,
واستمرارهما على هذا العمل العظيم،
وكيف كانت حالهما من (الخوف والرجاء),حتى إنهما مع هذا العمل :
دعوا الله أن يتقبل منهما عملهم.
ودعوا لأنفسهما, وذريتهما بالإسلام,
الذي حقيقته, خضوع القلب, وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح.
{ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } أي: علمناها على وجه الإراءة والمشاهدة, ليكون أبلغ.
{ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }.{ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } أي: في ذريتنا
{ رَسُولًا مِنْهُمْ } ليكون أرفع لدرجتهما, ولينقادوا له, وليعرفوه حقيقة المعرفة.
{ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } لفظا, وحفظا, وتحفيظا
{ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } معنى.{ وَيُزَكِّيهِمْ } بالتربية على الأعمال الصالحة
والتبري من الأعمال الردية, التي لا تزكي النفوس معها.
{ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } أي: القاهر لكل شيء, الذي لا يمتنع على قوته شيء.
{ الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها،
فاستجاب الله لهما, فبعث الله هذا الرسول الكريم,الذي رحم الله به ذريتهما خاصة
وسائر الخلق عامة،
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:" أنا دعوة أبي إبراهيم ".
ولما عظم الله إبراهيم هذا التعظيم, وأخبر عن صفاته الكاملة .ما يرغب { عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } بعد ما عرف من فضله{ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } أي: جهلها وامتهنها.
{ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا }
أي: اخترناه ووفقناه للأعمال, التي صار بها من المصطفين الأخيار.
{ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } الذين لهم أعلى الدرجات.
{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ } امتثالا لربه:
{ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } إخلاصا وتوحيدا, ومحبة, وإنابة فكان التوحيد لله نعته.
0 التعليقات :
إرسال تعليق