{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }*259*
شرح الكلمات للجزائري الآية ٢٥٩
{ قرية }: مدينة لم يذكر الله تعالى اسمها فلا يبحث عنها لعدم جدوى معرفتها.
{ خاوية }: فارغة من سكانها ساقطة عروشها على مبانيها وجدرانها.
{ أنّى يحيي }: كيف يحيي.
{ بعد موتها }: بعد خوائها وسقوطها على عروشها.
{ لبثت }: مكثت وأقمت.
{ لم يتسنه }: لم يتغير بمر السنين عليه.
{ آية }: علامة على قدرة الله على بعث الناس أحياء يوم القيامة.
{ ننشزها }: في قراءة ورش ننشرها بمعنى نحييها بعد موتها. وننشزها نرفعها ونجمعها لتكون حماراً كما كانت.
ايسر التفاسير للجزائري الآية ٢٥٩
هذا مثل آخر معطوف على الأول الذي تجلت فيه على حقيقتها ولاية الله لإِبراهيم حيث أيده بالحجة القاطعة ونصره على عدوه النمرود قال تعالى:
{ أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية } فارغة من سكانها ساقطة سقوفها على مبانيها فقال المارّ بها مُستبعداً حياتها مرة ثانية: كيف يحيي الله هذه القرية بعد خرابها؟ فأماته الله مائة عام ثم أحياه،
وسأله: كم لبثت؟ قال: حسب عادة من نام في يوم واستيقظ فيه فإنه يرى أنه نام يوماً أو بعض يوم.
فأجابه مُصَوِّباً فهمه: بل لبثت مائة عام، ولكي تقتنع بما أخبرت به :
فانظر إلى طعامك وكان سلة من تين،وشرابك وكان عصيراً من عنب فإنه لم يتغير طعمه ولا لونه وقد مر عليه قرن من الزمن،
وانظر إلى حمارك فإنه هلك بمرور الزمن ولم يبق منه إلا عظامه تلوح بيضاء فهذا دليل قاطع على موته وفنائه، لمرور مائة سنة عليه، وانظر إلى العظام كيف نجمعها ونكسوها لحماً فإذا هي حمارك الذي كنت تركبه من مائة سنة ونمت وتركته إلى جانبك يرتع، وتجلت قدرة الله في عدم تغير الذي جرت العادة أنه يتغير في ظرف يوم واحد وهو سلة التين وشراب العصير. وفي تغير الذي جرت العادة أنه لا يتغير إلا في عشرات الأعوام، وهو الحمار. كما هي ظاهرة في موت صاحبهما وحياته بعد لبثه على وجه الأرض ميتاً لم يعثر عليه أحد طيلة مائة عام.
وقال له الرب تبارك وتعالى بعد أن وقفه على مظاهر قدرته فعلنا هذا بك لنريك قدرتنا على إحياء القرية متى أردنا إحياءها ولنجعلك في قصتك هذه آية للناس، تهديهم إلى الإِيمان وتوحيدنا في عبادتنا وقدرتنا على العبث الآخر الذي لا ريب فيه لتجزى كل نفس بما كسبت.
وأخيراً لما لاحت أنوار ولاية الله في قلب هذا العبد المؤمن الذي أثار تعجبه خراب القرية فاستبعد حياتها
قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير، فهذا مصداق قوله تعالى:
{ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .}
هداية الجزائري الآية ٢٥٩
- جواز طروء استبعاد ما يؤمن به العبد أنه حق وكائن، كما استبعد هذا المؤمن المار بالقرية حياة القرية مرة أخرى بعد ما شاهد من خرابها وخوائها.
- عظيم قدرة الله تعالى بحيث لا يعجزه تعالى شيء وهو على كل شيء قدير.
- ثبوت البعث الآخر وتقريره.
- ولاية الله تعالى للعبد المؤمن التقي تجلت في إذهاب الظلمةالتي ظهرت على قلب المؤمن باستبعاده قدره الله على إحياء القرية، فأراه الله تعالى مظاهر قدرته ما صرح به في قوله: { أعلم أن الله على كل شيء قدير }.
تفسير السعدي الآية ٢٥٩
في الآية دليل آخر على توحد الله بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء، فقال:
{ أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } أي: قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها، فلم يبق بها أنيس بل بقيت موحشة من أهلها مقفرة، فوقف عليها ذلك الرجل متعجبا و
{ قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها } استبعادا لذلك وجهلا بقدرة الله تعالى،
فلما أراد الله به خيرا
أراه آية في نفسه
وفي حماره،
وكان معه طعام وشراب،
{ فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم }
ـــ استقصارا لتلك المدة التي مات فيها لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته،
فقيل له { بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } أي: لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول السنين واختلاف الأوقات عليه،
ففيه أكبر دليل على قدرته حيث أبقاه وحفظه عن التغير والفساد، مع أن الطعام والشراب من أسرع الأشياء فسادا
{ وانظر إلى حمارك } وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه، وتفرقت أوصاله
{ ولنجعلك آية للناس } على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون أنموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار،
فيعلموا بذلك صحة ما أخبرت به الرسل
{ وانظر إلى العظام كيف ننشزها } أي: ندخل بعضها في بعض، ونركب بعضها ببعض
{ ثم نكسوها لحما } فنظر إليها عيانا كما وصفها الله تعالى، { فلما تبين له } ذلك وعلم قدرة الله تعالى { قال أعلم أن الله على كل شيء قدير }
والظاهر من سياق الآية أن هذا رجل منكر للبعث أراد الله به خيرا،
وأن يجعله آية ودليلا للناس لثلاثة أوجه:
أحدها قوله { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } ولو كان نبيا أو عبدا صالحا لم يقل ذلك،
والثاني: أن الله أراه آية في طعامه وشرابه وحماره ونفسه ليراه بعينه فيقر بما أنكره، ولم يذكر في الآية أن القرية المذكورة عمرت وعادت إلى حالتها، ولا في السياق ما يدل على ذلك، ولا في ذلك كثير فائدة،
ما الفائدة الدالة على إحياء الله للموتى في قرية خربت ثم رجع إليها أهلها أو غيرهم فعمروها؟! وإنما الدليل الحقيقي في إحيائه وإحياء حماره وإبقاء طعامه وشرابه بحاله،
والثالث في قوله: { فلما تبين له } أي: تبين له أمر كان يجهله ويخفى عليه، فعلم بذلك صحة ما ذكرناه، والله أعلم..
مشاعر إيمانية وتدبر
من الآية ٢٥٩
تأتي آية الكرسي أعظم آيات القرآن
بجملها العشر فتتابع الآيات تؤكد العظمة
لله سبحانه
وتُعرفنا طريق الحق بالتخلية (فمن يكفر بالطاغوت )
ثم التحلية (ويؤمن بالله ) فاستمسك بالعروة الوتقى ( لا إله إلا الله محمد رسول الله )
فحاز أعظم منحة ( ولاية الله )
وتتالى القصص...
دلالة على قدرته سبحانه ووحدانيته وتمام ملكه
إبراهيم عليه السلام والنمرود الذي حاجه في ربه،
ثم قصتنا اليوم في تأكيد البعث والنشور
بتجربة حسية واقعية ،
وبعطف قصة تأكيد البعث على قصة برهان الوحدانية والقدرة لله ..
وتختم آية الذي حاج إبراهيم عليه السلام (والله لا يهدي القوم الظالمين}
وتختم القصة الثانية، بقول ذلك الرجل الذي مرت به التجربة بعينه {أعلم أن الله على كل شيء قدير}
وكلا الخاتمتين في الآيتين تقرران حقيقة المشيئة الإلهية،دون سلب الحرية عن الإنسان فله الخيار:
ذاك بقي في ضلاله لعناده وكبره ،
وهذا علم قدرة الله بتفكرهـ ....
وهنا تتبين لنا حقيقة كبرى:
كل ماكان الإنسان مفكراً يقظاً متدبراً
للكون من حوله: تيقن حقيقة المعجزات الإلاهية
وقد ورد في الأثر:
" أنْ حسبكم الكون معجزة "
تدبري معي :
في مكان واحد....
أجرى الله الزمان على شيء ولم يجره على شيء آخر
فالحمار أجرى الله عليه أحكام الزمان فمات وأصبح عظاماً نخرة
والطعام لم يُجرِ عليه أحكام الزمان فمكث ا
مائة عام لم يفسد ولم يتغير منه شيء
ولا يقدر على هذا إلى الله سبحانه
ما أعظمه وأقدره وأحكمه
خلق فسوى وقدر فهدى يحيي ويميت وإليه النشور
وللبراهين أدلة وقصة ثالثة
نكملها بإذن الله
انتظروني .....D
ما معنى تفسير للجزائري ؟؟.
ردحذف