{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)
تفسير السعدي
[111 ـ 112]
🔆{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}🔆
أي: قال اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كانهودا،
وقالت النصارى:لن يدخل الجنة إلا من كاننصارى،
فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم,
وهذا مجرد أماني غير مقبولة, إلا بحجة وبرهان,
فأتوا بها إن كنتم صادقين،
وهكذا كل من ادعى دعوى,
لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه،
وإلا فلو قلبت عليه دعواه, وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما،
🔆فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوىأو يكذبها،
ولما لم يكن بأيديهم برهان, علم كذبهم بتلك الدعوى.
ثم ذكر تعالى البرهان الجلي العام لكل أحد, فقال: {بَلَى} أي: ليس بأمانيكم ودعاويكم,
ولكن {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} أي: أخلص لله أعماله, متوجها إليه بقلبه،{وَهُوَ} مع إخلاصه {مُحْسِنٌ} في عبادة ربه, بأن عبده بشرعه,
فأولئك هم أهل الجنة وحدهم.
{فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم،
{وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}فحصل لهم المرغوب, ونجوا من المرهوب.
ويفهم منها, أن من ليس كذلك, فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود, والمتابعة للرسول.
شرح الكلمات للجزائري
{الجنة}: دار النعيم وتسمى دار السلام وهي فوق السماء السابعة.
{هوداً}: صليبيين مسيحيين.
{أمانيهم}: جملع أمنية ما يتمناه المرء بدون ما يعمل للفوز به، فيكون غروراً.
{البرهان}: الحجة الواضحة.
{بلى}: حرف إجابة يأتي بعد نفي مقرون باستفهام غالباً نحو قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} بلى أي هو أحكم الحاكمين، ولما أدعى اليهود والنصارى أن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهودياً أو نصرانياً قال تعالى: بلى أي ليس الأمر كما تزعمون فلا يدخل الجنة يهودي ولا نصراني ولكن يدخلها من أسلم وجهه لله وهو محسن أي عبد آمن فصدق وعمل صالحاً فأحسن.
أيسر التفاسير للجزائري
الآيتين ١١١ - ١١٢
.سبب نزول الآيتين
لما جاء وفد نصارى نجران إلى المدينة التقى باليهود في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ولعدائهم السابق تَمَارَوْا
فادعت اليهود أن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهودياً،
وادعت النصارى أن الجنة لا يدخلها إلا من كان نصرانياً
فرد الله تعالى عليه وأبطل دعواهم حيث طالبهم بالبرهان عليها فلم يقدروا
وأثبت تعالى دخول الجنة لمن:
زكى نفسه بالإِيمان الصحيح والعمل الصالح فقال:
{بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن} يريد قلبه وجوارحه فآمن ووحد وعمل صالحاً فأحسن فهذا الذي يدخل الجنة وهي أجره على إيمانه وصالح أعماله، فلا هو يخاف ولا يحزن.
هداية الآيات للجزائري
- إبطال تأثير النّسب في السعادة والشقاء،
وتقرير أن السعادة بدخول الجنة
مردها إلى تزكية النفس بالإِيمان والعمل الصالح،
وإن الشقاوة بدخول النار
مردها إلى الشرك، وارتكاب الذنوب.
فلا نسبه إلى يهودية أو نصرانية أو غيرهما تُغني عن صاحبها،
وإنما المغني بعد فضل الله ورحمته الإِيمان العلم الصالح بعد التخلي عن الشرك المعاصي
- كفر اليهود والنصارى وهو شر كفر لأنه كان على علم.
- الإِسلام الصحيح القائم على أسسه الثلاثة الإِيمان والإِسلام والإِحسان هو سبيل النجاة من النار والفوز بالجنة.
تدبري
قوله تعالى ( ولاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )
وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مما هم قادمون عليه في المستقبل من أهوال القيامة.
وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلفوا وراءهم في الدنيا.
اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم
لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ...
لما وجهه
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (١١٢)
الوجه رمز الشمول .
ومن سمة الإسلام :
الوحدة بين الشعور والسلوك
بين العقيدة والعمل
بين الإيمان القلبي والإحسان العملي . . فتكون العقيدة منهجا للحياة كلها.
وبذلك تتوحد الشخصية الإنسانية بكل نشاطها واتجاهاتها
فيستحق المؤمن هذا العطاء .
0 التعليقات :
إرسال تعليق