بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص تفسير السعدي
الآيات من ٩٧- ١٠٧
بني إسرائيل ومواقفهم من ..
الملائكة
وقل يامحمد لهؤلاء اليهود, الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك,
أن وليك جبريل عليه السلام,
ولو كان غيره من ملائكة الله, لآمنوا بك وصدقوا،
إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت, وتكبر على الله،
فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك,
كفر بالله وآياته
وعداوة لله ولرسله وملائكته
فإن عداوتهم لجبريل, لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله.
يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:
( وَلَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ )
تحصل بها الهداية لمن استهدى,
وإقامة الحجة على من عاند, وهي في الوضوح والدلالة على الحق, قد بلغت مبلغا عظيما ووصلت إلى حالة لا يمتنعمن قبولها إلا من فسق عن أمر الله,
وخرج عن طاعة الله,
واستكبر غاية التكبر.
و دائماً تنقض اليهود للعهود
السبب أن أكثرهم لا يؤمنون، فعدم إيمانهم هو الذي أوجب لهم نقض العهود، ولو صدق إيمانهم, لكانوا مثل من قال الله فيهم: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ).
ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم، وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم, فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به صار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون.
ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع, ابتلي بالاشتغال بما يضره,
وكذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان حيث أخرجت الشياطين للناس السحر، وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم.
وهم كذبة في ذلك .
فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام،
وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة.
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين, والسحر الذي يعلمه الملكان,
فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين, وكل يصبو إلى ما يناسبه.
ثم ذكر مفاسد السحر فقال:
{ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما, لأن الله قال في حقهما: { وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } وفي هذا دليل على :
أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي: بإرادة الله،
والإذن نوعان:
إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة الله, كما في هذه الآية،
وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة: { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ }
وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير,
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة, ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية
سبب نزول
كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: { رَاعِنَا } أي: راع أحوالنا, فيقصدون بها معنى صحيحا،
وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا,
فانتهزوا الفرصة, فصاروا يخاطبون الرسول بذلك, ويقصدون المعنى الفاسد،
فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة, سدا لهذا الباب،
ففيه النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم،وفيه الأدب .
فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال:
{ وَقُولُوا انْظُرْنَا } فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور،
{ وَاسْمَعُوا } لم يذكر المسموع, ليعم ما أمر باستماعه،
ثم توعد الكافرين بالعذاب المؤلم الموجع, وأخبر عن عداوة اليهود والمشركين للمؤمنين,
أنهم ما يودون { أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ } أي: لا قليلا ولا كثيرا { مِنْ رَبِّكُمْ } حسدا منهم, وبغضا لكم أن يختصكم بفضله فإنه { ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
ومن فضله عليكم, إنزال الكتاب على رسولكم, ليزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة, ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون,
فله الحمد والمنة
النسخ:
هو النقل, فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع, إلى حكم آخر, أو إلى إسقاطه،
وكان اليهود ينكرون النسخ, ويزعمون أنه لا يجوز, وهو مذكور عندهم في التوراة, فإنكارهم له كفر وهوى محض.
و أن الله يشرع لهم من الأحكام, ما تقتضيه حكمته ورحمته بهم. ومن تأمل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ, عرف بذلك حكمة الله ورحمته عباده, وإيصالهم إلى مصالحهم, من حيث لا يشعرون بلطفه.
0 التعليقات :
إرسال تعليق