{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } *
{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
تفسير السعدي
الآيتين ١٣٣ - ١٣٤
ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملة إبراهيم, ومن بعده يعقوب,
قال تعالى منكرا عليهم: { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ } أي: حضورا { إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ }
أي: مقدماته وأسبابه، فقال لبنيه على وجه الاختبار ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به:
{ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي } ؟
فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا:
{ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا } فلا نشرك به شيئا, ولا نعدل به أحدا،
{ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
فجمعوا بين التوحيد والعمل.
ومن المعلوم أنهم لم يحضروا يعقوب, لأنهم لم يوجدوا بعد، فإذا لم يحضروا,
فقد أخبر الله عنه أنه :
وصى بنيه بالحنيفية, لا باليهودية.
ثم قال تعالى:
{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } أي: مضت
{ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ } أي: كل له عمله, وكل سيجازى بما فعله,
لا يؤخذ أحد بذنب أحد ولا ينفع أحدا إلا إيمانه وتقواه
فاشتغالكم بهم وادعاؤكم, أنكم على ملتهم, والرضا بمجرد القولأمر فارغ لا حقيقة له
بل الواجب عليكم, أن تنظروا حالتكم التي أنتم عليها, هل تصلح للنجاة أم لا؟
شرح الكلمات للجزائري
{ يعقوب }: هو اسرائيل بن اسحاق بن إبراهيم وبنوه هم يوسف وإخوته.
{ أمة خلت }: جماعة أمرها واحد. خلت: مضت إلى الدار الآخرة.
{ لها ما كسبت }: أجر ما كسبته من الخير.
{ ولكم ما كسبتم }: من خير أو غيره.
أيسر التفاسير للجزائري
الآيتين ١٣٣ - ١٣٤
يوبخ تعالى اليهود القائلين كذباً وزوراً للنبي صلى الله عليه وسلم:
ألست تعلم أن يعقوب وصى بَنيه باليهودية
فقال تعالى: { أم كنتم شهداء } أي أكنتم حاضرين لما حضر يعقوب الموت فقال لبنيه مستفهماً إياهم: ما تعبدون من بعدي؟
فأجابوه بلسان واحد: { نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمونَ }
فإن قالوا كنا حاضرين فقد كذبوا وبهتوا ولعنوا
وإن قالوا لم نحضر بطلت دعواهم أن يعقوب وصى بنيه باليهودية، وثبت أنه وصاهم بالإِسلام لا باليهودية.
و ينهي تعالى جدل اليهود الفارغ فيقول لهم:
{ تلك أمة قد خلت } -يعني إبراهيم وأولاده-
لها ما كسبت من الإِيمان وصالح الأعمال،
ولكم أنتم معشر يهود ما اكتسبتم من الكفر والمعاصي وسوف لا تسألون يوم القيامة عن أعمال غيركم وإنما تسألون عن أعمالكم وتجزون بها،
فاتركوا الجدل وأقبلوا على ما ينفعكم في آخرتكم وهو: الإِيمان الصحيح والعمل الصالح،
ولا يتم لكم هذا إلا بالإِسلام فأسلموا.
هداية الآيات للجزائري
- استحباب الوصية للمريض يوصي فيها بنيه وسائر أفراد أسرته بالإِسلام حتى الموت عليه.
- كذب اليهود وبهتانهم وصدق من قال: اليهود قوم بهت.
- يحسن بالمرء ترك الإِعتزاز بشرف وصلاح الماضيين، والإِقبال على نفسه بتزكيتها وتطهيرها.
- سنة الله في الخلق أن المرء يجزى بعمله، ولا يسأل عن عمل غيره.
- يطلق لفظ الأب على العم تغليباً وتعظيماً.
تدبري المشاعر الإيمانية من الآية ١٣٣
فقط تدبري وتفكري وتزودي
الموت كارثة تفاجيء الإنسان، فلا يذكر غير همه ومصيبته..
ولكن الصالحين يكون لهم هم كبير في صلاح العباد حتى في لحظاتهم الأخيرة يدعون إلى الله ...
فهذا مشهد دعوي يتجلى لنا في يعقوب عليه السلام فلا ينسى وهو في سكرات الموت أن يدعو إلى ربه...
إن هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار،مشهد عظيم .
نحن أمام ميت يحتضر..
ماالذي يشغل باله في ساعة الاحتضار..؟
ماالأمر المهم الذي يريد أن يطمئن عليه قبل موته...؟
إنه التوحيد :
مات يعقوب وهو يسأل أبناءه عن الإسلام، ويطمئن على عقيدتهم.
مات محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وهو يوصي بالصلاة
وكذلك ابو بكر وعمر
رضي الله عنهم .
كأني بها في أذني :
(الصلاة الصلاة).
(هل صلى الناس)
( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء )...
انتبهي ( إذ حضر يعقوبَ الموتُ )
الموت هنا فاعل مرفوع بالضم.
يعقوب : مفعول به منصوب بالفتحة.
همسة تدبر
🔆البقرة 133-134🔆
للتأمل !
آية في سورة البقرة-في الجزء الأول تحديدًا-أُدرج فيها العم ضمن الآباءهي { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قال ابن كثير رحمه الله : وهذا من باب التغليب ، لأن إسماعيل عم يعقوب.
(قالوا نعبد إلهك وإله ءابائك)
البقرة
(واتبعت ملة ءاباءي)يوسف
(إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مقتدون)الزخرف
قوة التأثر والالتزام بما عليه الآباء والأجداد حقيقة غالبة وأمر لا يُنكر
فالهداية تتوارث فطرة
والضلال يورثه التعصبلذا لابد أن يعي الآباء ذلك ،
فكيفما تحبأن يكون أبناؤك وأحفادك فكن :(وكان أبوهما صالحًا).
🔆"إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه" ...لله هذه النفوس الكبيرة التي تظل تعطي حتى آخر قطرةمن إناء الحياة.
قال إبراهيم بن آزر : حضرت أحمد بن حنبل ، وسأله رجل عما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنها
فأعرض عنهفقيل له : ياأبا عبدالله ، هو رجلٌ من بني هاشم-يعني السائل-
فأقبل عليه ، فقال : اقرأ{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
0 التعليقات :
إرسال تعليق