{حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ * وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ * كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
ايسر التفاسير للجزائري
الآيات ٢٣٨ - ٢٤٢
يرشد الله تعالى عباده المؤمنين إلى ما يساعدهم على الالتزام بهذه الواجبات الشرعية والآدب الإِسلامية الرفيعة
وهو المحافظة على إقامة الصلوات الخمس عامة
والصلاة الوسطى خاصة
فقال تعالى: { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }
وكانوا قبلها يتكلمون في الصلاة فمنعهم من ذلك
بقوله: { وقوموا لله قانتين }
أى ساكنين خاشعين.
وإن حصل خوف لا يتمكنون معه من أداء الصلاة على الوجه المطلوب من السكون والخشوع فليؤدوها :
وهم مشاة على أرجلهم أو راكبون على خيولهم، حتى إذا زال الخوف وحصل الأمن فليصلوا على الهيئة التي كانوا يصلون عليها من سكون وسكوت وخشوع
فقال تعالى { فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون }
يريد الله تعالى بالذكر هنا :
إقام الصلاة أولا،
ثم الذكر العام مذكراً إياهم بنعمة العلم
مطالباً إياهم بشكرها
وهو أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجوهها وأتمها لأنها المساعد على سائر الطاعات وحسبها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر..
ما زال السياق في بيان حقوق النساء المطلقات والمتوفى عنهن
فيخبر تعالى أن الذين يتوفون من المؤمنين ويتركون أزواجاً فإن لهن من الله تعالى وصيّة على ورثة الزوج المتوفى أن ينفذوها وهي:
أن يسمحوا لزوجة المتوفى عنها أن تبقى معهم في البيت تأكل وتشرب إلى نهاية السنة
بما فيها مدة العدة وهي أربعة أشهر وعشر ليال
إلا إذا رغبت في الخروج بعد انقضاء العدة فلها ذلك،
هذا معنى قوله تعالى: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم }
وقوله (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن) تقدم معناه، وهو:
أن للمعتدة إذا انقضت عدتها أن تتزين وتمس الطيب وتتعرض للخطاب للتزوج.
وما ختمت به الآية والله عزيز حكيم إشارة إلى أن هذه الوصية قد شرعّها عزيز حكيم فهي متعيّنة التحقيق والتنفيذ.
{ وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين } فيها حكم آخر وهو:
أن المطلقة المبني بها على مطلقها أن يمتعها بشىء من المال كثياب أو داب أو خادمة،
وعليه فالمطلقة قبل البناء وقيل تسمية المهر لها المتعة واجبة لها إذ ليس لها سواها
والمطلقة قبل البناء وقد سمى لها المهر فإن لها نصف المهر لا غير،
والمطلقة بعد البناء وهي هذه المقصودة في هذه الآية لها متعة بالمعروف سواء قيل بالوجوب أو الاستحباب لأنها لها المهر كَاملاً.
وَقوله تعالى { كذلك يبين الله ...}
معناه كهذا التبيين لأحكام الطلاق والخُلع والرضاع والعدد والمتع يبين تعالى لنا آياته المتضمنة أحكام شرعه
لنعقلها ونعمل بها فنكمل عليها
ونسعد في الحياتين الدنيا والآخرة.
تفسير السعدي
الآيات ٢٣٨ - ٢٤٢
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ
يأمر بالمحافظة على الصلوات عمومًا وعلى الصلاة الوسطى،
وهي العصر خصوصًا.
والمحافظة عليها:
أداؤهابوقتها© وشروطها وأركانها وخشوعها وجميع ما لها من واجب ومستحب،
وبالمحافظة على الصلوات تحصل المحافظة على سائر العبادات،
وتفيد النهي عن الفحشاء والمنكر خصوصًا إذا أكملها كما أمر بقوله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي:
ذليلين خاشعين، ففيه الأمر بالقيام والقنوت والنهي عن الكلام، والأمر بالخشوع، هذا مع الأمن والطمأنينة.
{ فَإِنْ خِفْتُمْ } لم يذكر ما يخاف منه ليشمل الخوف من كافر وظالم وسبع، وغير ذلك من أنواع المخاوف، أي:
إن خفتم بصلاتكم على تلك الصفة
فصلوها { رِجَالًا } أي: ماشين على أقدامكم،
{ أَوْ رُكْبَانًا } على الخيل والإبل وغيرها،
ويلزم على ذلك أن يكونوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها،
وفي هذا زيادة التأكيد على المحافظة على وقتها حيث أمر بذلك ولو مع الإخلال بكثير من الأركان والشروط،
وأنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها ولو في هذه الحالة الشديدة، فصلاتها على تلك الصورة أحسن وأفضل بل أوجب من صلاتها مطمئنا خارج الوقت
{ فَإِذَا أَمِنْتُمْ } أي: زال الخوف عنكم
{ فَاذْكُرُوا اللَّهَ } وهذا يشمل جميع أنواع الذكر :
ومنه الصلاة على كمالها وتمامها
{ كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } فإنها نعمة عظيمة ومنة جسيمة، تقتضي مقابلتها بالذكر والشكر ليبقي نعمته عليكم ويزيدكم عليها.
الأزواج الذين يموتون ويتركون خلفهم أزواجا فعليهم أن يوصوا { وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج } أي: يوصون أن يلزمن بيوتهم مدة سنة لا يخرجن منها { فإن خرجن } من أنفسهن { فلا جناح عليكم } أيها الأولياء { فيما فعلن في أنفسهم من معروف والله عزيز حكيم } أي: من مراجعة الزينة والطيب ونحو ذلك
وأكثر المفسرين أن هذه الآية منسوخة بما قبلها وهي قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }
وقيل لم تنسخها
بل الآية الأولى دلت على أن أربعة أشهر وعشر واجبة،
وما زاد على ذلك فهي مستحبة ينبغي فعلها تكميلا لحق الزوج، ومراعاة للزوجة،
والدليل على أن ذلك مستحب أنه هنا نفى الجناح عن الأولياء إن خرجن قبل تكميل الحول، فلو كان لزوم المسكن واجبا لم ينف الحرج عنهم.
ولكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على كل متق:
جبرا لخاطرها وأداء لبعض حقوقها،
وهذه المتعة واجبة على من طلقت قبل المسيس،
والفرض سنة في حق غيرها كما تقدم، هذا أحسن ما قيل فيها،
وقيل إن المتعة واجبة على كل مطلقة احتجاجا بعموم هذه الآية،
ولكن القاعدة أن المطلق محمول على المقيّد، وتقدم أن الله فرض المتعة للمطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة.
ولما بيّن تعالى هذه الأحكام العظيمة المشتملة على الحكمة والرحمة امتن بها على عباده فقال: { كذلك يبين الله لكم آياته }
أي: حدوده، وحلاله وحرامه والأحكام النافعة لكم، لعلكم تعقلونها فتعرفونها وتعرفون المقصود منها،
فإن من عرف ذلك أوجب له العمل بها.
تنبيه كتابي
الآية ٢٣٨
في الرسم العثماني إذا كتبت المدة الصغيرة ( ٰ )بعد الواو مثل الصلوٰ ات نقرأ الواو وبعدها مد الألف ،
فنقرأ
الصلو ٰت الصلوات
وإذا كتبت المدة الصغيرة
( ٰ ) على الواو مثل الصلوٰة نقرأ مد الألف ولا ننطق الواو .
والصلوٰة الصلاة
وقفة
الصلاة الصلاة
مات محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وهو يوصي بالصلاة
وكذلك ابو بكر وعمر
رضي الله عنهم .
كأني بها في أذني :
(الصلاة الصلاة). (هل صلى الناس)
( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء )..
التكبيرات في الصلاة
برفع اليدين
في أربع مواضع:
إثنان متكررة
وإثنان غير متكررة
الغير متكررة :
تكبيرة الإحرام
والتكبير عند القيام للركعة الثالثة بعد التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية .
المتكررة في كل ركعة :
التكبير للركوع بقول ( الله اكبر )
التكبير عند الرفع من الركوع بقول ( سمع الله لمن حمده )..
الصلاة
معناها لغة : الدعاء
اصطلاحا: عبادة تحوي أقوالا وأفعالا مخصوصة تبدأ بالتكبير لله تعالى وتختم بالتسليم.
فرضت ليلة الإسراء والمعراج خمسين ثم أنقصت حتى جعلت خمسا ثم نودي:
((يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين)).
والصلاة أُم العبادات: وأفضلُ الطاعات، ولذلك جاءت نصوص الكتاب والسنة بإقامتها والمحافظة عليها والمداومة على تأديتها في أوقاتها.
قال تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [البقرة: 238].
وقال تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43]،
وقال سبحانه وتعالى: إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج: 23،22].
قيل في الصلاة
ويقول خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
إن الرجل ليشيب في الاسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة!
قيل : كيف يا أمير المؤمنين؟
قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها!
عظم شأن الصلاة
من القرآن والسنة
عظّم الإسلام شأن الصلاة، ورفع ذكرها، وأعلى مكانتها، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين،
كما قال النبي : { بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت } [متفق عليه].
والصلاة أُم العبادات: وأفضلُ الطاعات،
ولذلك جاءت نصوص الكتاب والسنة بإقامتها والمحافظة عليها والمداومة على تأديتها في أوقاتها.
منها آية اليوم :
قوله تعالى: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) [البقرة: 238].
وقال تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43]،
وقال سبحانه وتعالى: )إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) [المعارج: 23،22].
وكان آخر وصايا النبي قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى: { الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم } [أبو داود وصححه الألباني].
فالصلاة أفضل الأعمال:
فقد سُئل النبي عن أفضل الأعمال فقال: { الصلاة لوقتها }[مسلم].
والصلاة نهر من الطهارة والمغفرة:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ } قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال:
{ فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا } [متفق عليه].
والصلاة كفارة للذنوب والخطايا:
فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: { الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما لم تُغش الكبائر } [مسلم].
والصلاة حفظ وأمان للعبد في الدنيا:
فعن جندب بن عبدالله قال: قال رسول الله : { من صلى الصبح فهو في ذمة الله } [مسلم].
والصلاة عهد من الله بدخول الجنة في الآخرة: فعن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله يقول:
{ خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن، ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة... الحديث } [أبو داود والنسائي وهو صحيح].
والصلاة أول ما يُحاسب عنه العبد يوم القيامة: فعن عبدالله بن قرط قال: قال رسول الله :
{ أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله } [الطبراني في الأوسط وهو حسن].
والصلاة نور:
فقد ورد عن النبي أنه قال:
{ الصلاة نور } [مسلم].
والصلاة مناجاة بين العبد وربه: قال الله تعالى في الحديث القدسي:
{ قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي.. الحديث } [مسلم].
والصلاة أمان من النار:
فعن أبي زهير عمارة بن رُويبَة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول:
{ لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } [مسلم]. يعني الفجر والعصر.
والصلاة أمان من الكفر والشرك:
فعن جابر قال: سمعت رسول الله يقول:
{ إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة } [مسلم].
وصلاة الفجر والعشاء في جماعة أمان من النفاق:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: { ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا } [متفق عليه].
شعر في الصلاة
مُـروهُـمْ عَـلـيْـها لِسَـبْعِ سِنينْ
لِـعَـشْـرٍ وُجوبَـاً بـِأنْ يَسْجُــدا
----
هِيَ الفصْلُ بَيْنَ الهَوى وَاليَقينْ
فـمَـنْ حـادَ ذاقَ مَهـاوي الـرَّدا
----
عَـمَـارُ الـمَـساجدِ أصْل ُالتقى
صَـلاة ُالخُـشوعِ هِيَ السُؤدَدا
----
تجَمَّلْ إذا رُمْتَ رُكْنَ الصَّلاة
فـأنْـتَ بِـحَضْـرَةِ ربِّ الهـدى.
0 التعليقات :
إرسال تعليق