ملخص تفسير السعدي
الآيات من ٢٣١ - ٢٤٢
مقاطع :
وصاية رحمة بالمرأة
ثم قال تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ } أي: طلاقا رجعيا بواحدة أو ثنتين.
{ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي: قاربن انقضاء عدتهن.
{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي: إما أن تراجعوهن, ونيتكم القيام بحقوقهن, أو تتركوهن بلا رجعة ولا إضرار,
ولهذا قال: { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا } أي: مضارة بهن { لِتَعْتَدُوا } في فعلكم هذا الحلال, إلى الحرام،
فالحلال: الإمساك بمعروف
والحرام: المضارة،
{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ولو كان الحق يعود للمخلوق فالضرر عائد إلى من أراد الضرار.
{ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا }
أي: لعبا بها, وهو التجرؤ عليها, وعدم الامتثال لواجبها، مثل استعمال المضارة في الإمساك, أو الفراق, أو كثرة الطلاق, أو جمع الثلات،
والله من رحمته جعل له واحدة بعد واحدة, رفقا به وسعيا في مصلحته.
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } عموما :
باللسان ثناء وحمدا،
وبالقلب اعترافا وإقرارا,
وبالأركان بصرفها في طاعة الله،
{ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ } أي: السنة اللذين بيّن لكم بهما طرق الخير ورغبكم فيها,
وطرق الشر وحذركم إياها, وعرفكم نفسه ووقائعه في أوليائه وأعدائه, وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون.
وقيل: المراد بالحكمة أسرار الشريعة, فالكتاب فيه, الحكم، والحكمة فيها, بيان حكمة الله في أوامره ونواهيه،
وكلا المعنيين صحيح،
ولهذا قال { يَعِظُكُمْ بِهِ } أي: بما أنزل عليكم,
وهذا مما يقوي أن المراد بالحكمة, أسرار الشريعة,
لأن الموعظة ببيان الحكم والحكمة, والترغيب, أو الترهيب,
فالحكم به يزول الجهل،
والحكمة مع الترغيب يوجب الرغبة،
والحكمة مع الترهيب يوجب الرهبة.
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } في جميع أموركم
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فلهذا بيّن لكم هذه الأحكام بغاية الإحكام والإتقان التي هي جارية مع المصالح في كل زمان ومكان,
[فله الحمد والمنة].
أحكام الرضاعة
هذا خبر بمعنى الأمر, تنزيلا له منزلة المتقرر, الذي لا يحتاج إلى أمر بأن :
{ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ } ولما كان الحول, يطلق على الكامل, وعلى معظم الحول قال:
{ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }
فإذا تم للرضيع حولان, فقد تم رضاعه وصار اللبن بعد ذلك, بمنزلة سائر الأغذية,
فلهذا كان الرضاع بعد الحولين, غير معتبر, لا يحرِّم.
{ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ } أي: الأب { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وهذا شامل لما إذا كانت في حباله أو مطلقة, فإن على الأب نفقتها وكسوتها, وهي الأجرة للرضاع.
ودل هذا:
على أنها إذا كانت في حباله, لا يجب لها أجرة, غير النفقة والكسوة, وكل بحسب حاله, فلهذا قال: { لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا } فلا يكلف الفقير أن ينفق نفقة الغني, ولا من لم يجد شيئا بالنفقة حتى يجد، { لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } أي: لا يحل أن تضار الوالدة بسبب ولدها:
إما أن تمنع من إرضاعه
أو لا تعطى ما يجب لها من النفقة, والكسوة أو الأجرة،
{ وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } بأن تمتنع من إرضاعه على وجه المضارة له, أو تطلب زيادة عن الواجب, ونحو ذلك من أنواع الضرر.
ودل قوله: { مَوْلُودٌ لَهُ } أن الولد لأبيه, لأنه موهوب له, ولأنه من كسبه، فلذلك جاز له الأخذ من ماله, رضي أو لم يرض, بخلاف الأم.
وقوله: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } أي: على وارث الطفل إذا عدم الأب, وكان الطفل ليس له مال, مثل ما على الأب من النفقة للمرضع والكسوة، فدل على وجوب نفقة الأقارب المعسرين, على القريب الوارث الموسر،
{ فَإِنْ أَرَادَا } أي: الأبوان { فِصَالًا } أي: فطام الصبي قبل الحولين، { عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا } بأن يكونا راضيين { وَتَشَاوُرٍ } فيما بينهما, هل هو مصلحة للصبي أم لا؟ فإن كان مصلحة ورضيا { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } في فطامه قبل الحولين،
فدلت الآية بمفهومها, على أنه إن رضي أحدهما دون الآخر, أو لم يكن مصلحة للطفل, أنه لا يجوز فطامه.
وقوله: { وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ } أي: تطلبوا لهم المراضع غير أمهاتهم على غير وجه المضارة { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ } أي: للمرضعات, { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
فمجازيكم على ذلك بالخير والشر.
العدة للمتوفي عنها زوجها
إذا توفي الزوج, مكثت زوجته, متربصة
(أربعة أشهر وعشرة أيام) وجوبا،
والحكمة في ذلك:
ليتبين الحمل في مدة الأربعة, ويتحرك في ابتدائه في الشهر الخامس،
وهذا العام مخصوص بالحوامل, فإن عدتهن بوضع الحمل.
وكذلك الأمة, عدتها على النصف من عدة الحرة (شهران وخمسة أيام).
وقوله: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي: انقضت عدتهن { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ } أي: من مراجعتها للزينة والطيب
{ بِالْمَعْرُوفِ } أي: على وجه غير محرم ولا مكروه.
وفي هذا وجوب الإحداد مدة العدة, على المتوفى عنها زوجها, دون غيرها من المطلقات والمفارقات, وهو مجمع عليه بين العلماء.
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أي: عالم بأعمالكم, فمجازيكم عليها.
وفي خطابه للأولياء بقوله: { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ } دليل على أن الولي ينظر على المرأة, ويمنعها مما لا يجوز فعله ويجبرها على ما يجب, وأنه مخاطب بذلك, واجب عليه.
هذا حكم المعتدة من وفاة, أو المبانة في الحياة، فيحرم على غير مبينها أن يصرح لها في الخطبة.
والفرق بينهما:
أن التصريح, لا يحتمل غير النكاح, فلهذا حرم:
خوفا من استعجالها, وكذبها في انقضاء عدتها, رغبة في النكاح، ففيه دلالة على منع وسائل المحرم, وقضاء لحق زوجها الأول, بعدم مواعدتها لغيره مدة عدتها.
وأما التعريض, وهو الذي يحتمل النكاح وغيره, فهو جائز للبائن كأن يقول لها: إني أريد التزوج, وإني أحب أن تشاوريني عند انقضاء عدتك, ونحو ذلك, فهذا جائز لأنه ليس بمنزلة الصريح, وفي النفوس داع قوي إليه.
وكذلك إضمار الإنسان في نفسه أن يتزوج من هي في عدتها, إذا انقضت،
وأما عقد النكاح فلا يحل { حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ } أي: تنقضي العدة.
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ } أي: فانووا الخير, ولا تنووا الشر, خوفا من عقابه ورجاء لثوابه.
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } لمن صدرت منه الذنوب, فتاب منها, ورجع إلى ربه
{ حَلِيمٌ } حيث لم يعاجل العاصين على معاصيهم, مع قدرته عليهم.
الطلاق قبل المساس
ليس عليكم يا معشر الأزواج جناح وإثم, بتطليق النساء قبل المسيس, وفرض المهر,
وإن كان في ذلك كسر لها فإنه ينجبر بالمتعة، فعليكم أن تمتعوهن بأن تعطوهن شيئا من المال, جبرا لخواطرهن.
{ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ } أي: المعسر { قَدَرُهُ } وهذا يرجع إلى العرف,
وأنه يختلف باختلاف الأحوال ولهذا قال: { مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ }
فهذا حق واجب { عَلَى الْمُحْسِنِينَ } ليس لهم أن يبخسوهن.
فكما تسببوا لتشوفهن واشتياقهن, وتعلق قلوبهن, ثم لم يعطوهن ما رغبن فيه,
فعليهم في مقابلة ذلك المتعة.
ف الله ما أحسن هذا الحكم الإلهي,
وأدله على حكمة شارعه ورحمته
"ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟"
فهذا حكم المطلقات قبل المسيس وقبل فرض المهر.
ثم ذكر حكم المفروض لهن :
فقال : إذا طلقتم النساء قبل المسيس, وبعد فرض المهر, فللمطلقات من المهر المفروض نصفه, ولكم نصفه.
هذا هو الواجب ما لم يدخله عفو ومسامحة, بأن تعفو عن نصفها لزوجها, إذا كان يصح عفوها,
{ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ }
وهو الزوج على الصحيح لأنه الذي بيده حل عقدته؛
ولأن الولي لا يصح أن يعفو عن ما وجب للمرأة, لكونه غير مالك ولا وكيل.
ثم رغب في العفو, وأن من عفا, كان أقرب لتقواه, لكونه :
إحسانا موجبا لشرح الصدر,
ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف,
وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة,
لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب,
وهو: أخذ الواجب, وإعطاء واجب وهو أخذ الواجب وإعطاء الواجب .
وإما فضل وإحسان, وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق,
والغض مما في النفس، فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة, ولو في بعض الأوقات, وخصوصا لمن بينك وبينه معاملة, أو مخالطة, فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم
ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.
الصلاة
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ
يأمر بالمحافظة على الصلوات عمومًا وعلى الصلاة الوسطى،
وهي العصر خصوصًا.
والمحافظة عليها:
أداؤهابوقتها© وشروطها وأركانها وخشوعها وجميع ما لها من واجب ومستحب،
وبالمحافظة على الصلوات تحصل المحافظة على سائر العبادات،
وتفيد النهي عن الفحشاء والمنكر خصوصًا إذا أكملها كما أمر بقوله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي:
ذليلين خاشعين، ففيه الأمر بالقيام والقنوت والنهي عن الكلام، والأمر بالخشوع، هذا مع الأمن والطمأنينة.
{ فَإِنْ خِفْتُمْ } لم يذكر ما يخاف منه ليشمل الخوف من كافر وظالم وسبع، وغير ذلك من أنواع المخاوف، أي:
إن خفتم بصلاتكم على تلك الصفة
فصلوها { رِجَالًا } أي: ماشين على أقدامكم،
{ أَوْ رُكْبَانًا } على الخيل والإبل وغيرها،
ويلزم على ذلك أن يكونوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها،
وفي هذا زيادة التأكيد على المحافظة على وقتها حيث أمر بذلك ولو مع الإخلال بكثير من الأركان والشروط،
وأنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها ولو في هذه الحالة الشديدة، فصلاتها على تلك الصورة أحسن وأفضل بل أوجب من صلاتها مطمئنا خارج الوقت
{ فَإِذَا أَمِنْتُمْ } أي: زال الخوف عنكم
{ فَاذْكُرُوا اللَّهَ } وهذا يشمل جميع أنواع الذكر :
ومنه الصلاة على كمالها وتمامها
{ كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } فإنها نعمة عظيمة ومنة جسيمة، تقتضي مقابلتها بالذكر والشكر ليبقي نعمته عليكم ويزيدكم عليها.
حقوق لمن توفي عنها زوجها
الأزواج الذين يموتون ويتركون خلفهم أزواجا فعليهم أن يوصون أن يلزمن بيوتهم مدة سنة لا يخرجن منها { فإن خرجن } من أنفسهن { فلا جناح عليكم } أيها الأولياء { فيما فعلن في أنفسهم من معروف والله عزيز حكيم } أي: من مراجعة الزينة والطيب ونحو ذلك
وأكثر المفسرين أن هذه الآية منسوخة بما قبلها وهي قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا }
وقيل لم تنسخها
بل الآية الأولى دلت على أن أربعة أشهر وعشر واجبة،
وما زاد على ذلك فهي مستحبة ينبغي فعلها تكميلا لحق الزوج، ومراعاة للزوجة،
والدليل على أن ذلك مستحب أنه هنا نفى الجناح عن الأولياء إن خرجن قبل تكميل الحول، فلو كان لزوم المسكن واجبا لم ينف الحرج عنهم.
ولكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على كل متق:
جبرا لخاطرها وأداء لبعض حقوقها،
وهذه المتعة واجبة على من طلقت قبل المسيس،
والفرض سنة في حق غيرها كما تقدم، هذا أحسن ما قيل فيها،
وقيل إن المتعة واجبة على كل مطلقة احتجاجا بعموم هذه الآية،
ولكن القاعدة أن المطلق محمول على المقيّد، وتقدم أن الله فرض المتعة للمطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة...
ولما بيّن تعالى هذه الأحكام العظيمة المشتملة على الحكمة والرحمة امتن بها على عباده فقال: { كذلك يبين الله لكم آياته }
أي: حدوده، وحلاله وحرامه والأحكام النافعة لكم، لعلكم تعقلونها فتعرفونها وتعرفون المقصود منها،
فإن من عرف ذلك أوجب له العمل بها.
قرب الناس إليه.
ثم ذكر تعالى رخصتين في الارضاع:
: إن أراد الأبوان فطام الولد قبل عامين فإن لهما ذلك بعد التشاور في ذلك وتقدير مصلحة الولد من هذا الفطام المبكر.
فقال تعالى: " وإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } أي لا تضييق ولا حرج.
: إن أراد المولود له أن يسترضع لولده من مرضعاً غير أمه فله ذلك إن طابت به نفس الأم قال تعالى: { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم }
بشرط أن يسلم الأجرة المتفق عليها بالمعروف بلا إجحاف ولا مماطلة،
وأخيراً وعظ الله كلاً من المُرْضِع والمَرْضَع له بتقواه في هذه الحدود التي وضعها لهما،
وأعلمهم أنه بما يعملون بصير فليحذروا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه.
فسبحانه من إلهٍ عظيمٍ برٍ رحيم.
ما زال السياق في بيان أحكام الطلاق والعدد والنفقات...
ففي هذه الآية أن على من مات عليها زوجها أن تنتظر(( أربعة أشهر وعشر ليال))
إن كانت حرة أو ((نصف المدة إن كانت أمة))
فلا تتجمل ولا تمس طيباً ولا تتعرض للخطاب بحال تنقضي عدتها المذكورة في الآية
((إلا أن تكون حاملا فإن عدتها تنقضي بوضع حملها)) لقوله تعالى من سورة الطلاق:
{ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
فإذا بلغت أجلها أي انتهت المدة التي هي محدة فيها فلا جناح على :
ذوي زوجها المتوفى
ولا على ذويها هي
فيما تفعل بنفسها من ترك الإِحداد والتعرض للخطاب للتزوج
أي بما هو مباح لهن
ووعظهم في ختام الآية بقوله { والله بما تعلمون خبير } فاحذروه فلا تعملون إلا ما أذن فيه لكم.
أما الآية التي بعدها فقد تضمنت :
تحريم خطبة المرأة المتعدة من طلاق أو وفاة فلا يحل خطبتها لما في ذلك من الضرر؟
إذ قد تحمل هذه الخطبة من رجل مرغوب فيه لماله أو دينه أو نسبه أن تدعى المرأة انقضاء عدتها وهي لم تنقض،
وقد تفوت على زوجها المطلق لها فرصة المراجعة بالخطبة دون اللفظ الصريح المحرم
فقال تعالى: { ولا جناح عليكم } أيها المسلمون فيما عرضتم من خطبة النساء المعتدات
يتبع الجزائري
نحو قوله: إني راغب في الزواج: أو إذا انقضت عدتك تشاورنيني إن أردت الزواج.
كما تضمنت الكشف عن نفسية الرجل إذا قال تعالى: { علم الله أنكم ستذكرونهن }
مبدين رغبتكم في الزواج منهم
فرخص لكم في التعريض دون التصريح
ولكن لا تواعدوهن سراً
هذا اللفظ هو الدال على تحريم خطبة المعتدة من وفاة أو من طلاق بائن،
أما الطلاق الرجعي :
فلا يصح الخطبة فيه تعريضاً ولا تصريحاً لأنها في حكم الزوجة،
وقوله إلا أن تقولوا قولا معروفاً :
هو الإِذن بالتعريض.
كما تضمنت هذه آية حرمة عقد النكاح على المعتدة حتى تنتهي عدتها .
والمراد من الكتاب المدة التي كتب الله على المعدة أن تتربص فيها.
وختمت الآية بوعظ الله تعالى المؤمنين:
حيث أمرهم أن يعلموا أن الله يعلم ما في أنفسهم ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم وتصرافاتهم ليحذروه غاية الحذر فلا يخالفوه في أمره ولا في نهيه.
كما أعلمهم أنه تعالى غفور لمن تاب منهم بعد الذنب حليم عليهم لا يعاجلهم بالعقوبة ليتمكنوا من التوبة.
ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق وما يتعلق به :
يخبر تعالى عباده المؤمنين أنه لا إثم ولا حرج عليهم إن هم طلقوا أزواجهم :
قبل البناء بهن،
وقبل أن يسَموا لهن مهوراً أيضاً
وفي هذين الحالين يجب عليهم أن يمتعوهن : بأن يعطوا المطلقة قبل البناء
ولم تكن قد أعطيت مهراً
ولا سمى لها فيعرف مقداره في هذه الحال وقد تكون نادرة يجب على الزوج المطلق جَبراً لخاطرها أن يعطيها مالاً
على قدر غناه وفقره تتمتع به أياما عوضا عما فاتها من التمتع بالزواج.
و إنه تعالى يُخبر أن من طلق امرأته
قبل البناء بها وقد سمى لها صداقا
قل أو كثر فإنَّ عليه أن يعطيها وجوباً نصفه
إلا أن تعفوا عنه المطلقة فلا تأخذه تكرماً،
أو يعفو المطلِّق تكرما فلا يأخذ منه شيئا فيعطيها إياه كاملاً فقال عز وجل:
{ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم }
أي فالواجب نصف ما فرضتم- إلا أن يعفون -المطلقات- أو يفعو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج.
ثم بعد تقرير هذا الحكم العادل الرحيم دعا تعالى الطرفين إلى العفو، وأن من عفا منهما كان أقرب إلى التقوى فقال عز وجل:
{وأن تعفوا أقرب للتقوى} ونهاهم مع هذا عن عدم نسيان المودة والإحسان بينهما
فقال: { ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير }.
يرشد الله تعالى عباده المؤمنين إلى ما يساعدهم على الالتزام بهذه الواجبات الشرعية والآدب الإِسلامية الرفيعة
وهو المحافظة على إقامة الصلوات الخمس عامة
والصلاة الوسطى خاصة
فقال تعالى: { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }
وكانوا قبلها يتكلمون في الصلاة فمنعهم من ذلك
بقوله: { وقوموا لله قانتين }
أى ساكنين خاشعين.
وإن حصل خوف لا يتمكنون معه من أداء الصلاة على الوجه المطلوب من السكون والخشوع فليؤدوها :
وهم مشاة على أرجلهم أو راكبون على خيولهم، حتى إذا زال الخوف وحصل الأمن فليصلوا على الهيئة التي كانوا يصلون عليها من سكون وسكوت وخشوع
فقال تعالى { فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون }
يريد الله تعالى بالذكر هنا :
إقام الصلاة أولا،
ثم الذكر العام مذكراً إياهم بنعمة العلم
مطالباً إياهم بشكرها
وهو أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجوهها وأتمها لأنها المساعد على سائر الطاعات وحسبها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وَقوله تعالى { كذلك يبين الله ...}
معناه كهذا التبيين لأحكام الطلاق والخُلع والرضاع والعدد والمتع يبين تعالى لنا آياته المتضمنة أحكام شرعه
لنعقلها ونعمل بها فنكمل عليها
ونسعد في الحياتين الدنيا والآخرة.
حينما أوصانا رسول الله بالصلاة عليه يوم الجمعة لم يقل ( صلوا علي ) بل قال ( فأكثروا فيه من الصلاة علي ) اللهم صل وسلم على نبينا محمد
اَللَّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آل إِبْرَاهِيم
إِنَّك حَمِيد مُجِيدٌ..
وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كماباركت عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آل إِبْرَاهِيم
إِنَّك حَمِيد مُجِيد..
0 التعليقات :
إرسال تعليق