مفردات من الجزائري
{ ولا هم ينظرون }: أي بأن يمهلوا ليعتذروا، كقوله تعالى:
( ولا يؤذن لهم فيعتذرون)
{ الإِله }: المعبود بحق أو بباطل،
والله سبحانه وتعالى هو الإِله الحق المعبود بحق.
{ وإلهكم إله واحد }: في ذاته وصفاته، وفي ربوبيته فلا خالق ولا رازق ولا مدبر للكون والحياة إلا هو وفي ألوهيته أي في عبادته فلا معبود بحق سواه.
ايسر التفاسير للجزائري
الآيات ١٦١ - ١٦٢ - ١٦٣
أخبر تعالى أن الذين كفروا من أهل الكتاب وغيرهم بنبيه ودينه
ولم يتوبوا فماتوا على كفرهم
أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
ولذا فهم مطرودون مبعدون من الرحمة الإِلهية وهي :
الجنة
خالدون في جهنم
لا يخفف عنهم عذابها، ولا يمهلون فيعتذرون.
لما أوجب الله على العلماء بيان العلم والهدى وحرم كتمانهما
أخبر أنه الإِله الواحد الرحمن الرحيم وأن هذا أول ما على العلماء أن يبينوه للناس
وهو توحيده تعالى في ربوبيته وعبادته وأسمائه وصفاته،
سبب نزول
لما سمع بعض المشركين تقرير هذه الحقيقة:
وإلهكم إله واحد قالوا:
هل من دليل
-يريدون على أنه لا إله إلا الله-
فأنزل الله تعالى هذه الآية:
{ إن في خلق السموات والأرض } إلى قوله { يعقلون }
تفسير السعدي
الآيات ١٦١ - ١٦٢ - ١٦٣
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )
أما من كفر واستمر على كفره حتى مات ولم يرجع إلى ربه, ولم ينب إليه, ولم يتب عن قريب فأولئك { عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا, صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول
لأن الحكم يدور مع علته, وجودا وعدما.
و { خَالِدِينَ فِيهَا } أي: في اللعنة, أو في العذاب والمعنيان
{ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } بل عذابهم دائم شديد مستمر
{ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ } أي: يمهلون, لأن وقت الإمهال وهو الدنيا قد مضى, ولم يبق لهم عذر فيعتذرون...
يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين -
أنه { إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي: متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فليس له شريك في ذاته, ولا سمي له ولا كفو له, ولا مثل, ولا نظير, ولا خالق, ولا مدبر غيره، فإذا كان كذلك, فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة, ولا يشرك به أحد من خلقه,
لأنه { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } المتصف بالرحمة العظيمة, التي لا يماثلها رحمة أحد, فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي،
فبرحمته وجدت المخلوقات, وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات،
وبرحمته اندفع عنها كل نقمة،
وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه, وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم, بإرسال الرسل, وإنزال الكتب.
فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة, فمن الله, وأن أحدا من المخلوقين, لا ينفع أحدا،
علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة,
وأن يفرد بالمحبة والخوف, والرجاء, والتعظيم, والتوكل, وغير ذلك من أنواع الطاعات.
وأن من أظلم الظلم, وأقبح القبيح, أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد, وأن يشرك المخلوق من تراب, برب الأرباب, أو يعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه, مع الخالق المدبر القادر القوي، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء.
ففي هذه الآية:
إثبات وحدانية الباري وإلهيته،
وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين
وبيان أصل الدليل على ذلك وهو:
إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم, واندفاع [جميع] النقم
فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى.
فوائد من الجزائري
- من كفر ومات على كفره من سائر الناس يلقى في جهنم بعد موته خالداً في العذاب مخلداً لا يخفف عنه ولا ينظر فيعتذر، ولا يفتر عنه العذاب فيستريح.
- جواز لعن المجاهرين بالمعاصي كشراب الخمر والمرابين، والمتشبهين من الرجال بالنساء ومن النساء بالرجال..
- لا إله إلا الله فلا تصح العبادة لغير الله تعالى،لأنه لا إله حق إلا هو.
آية وحديث تفسر آية
(وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣)
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤))
- {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } البقرة
- {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }
آل عمران٢
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: كذبني ابن آدم وما ينبغي له أن يكذبني، وشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الله الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد ولم يكن له كفؤا أحد. رواه البخاري وغيره.
التوحيد امن نفسي
قال تعالى :
" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ "
* إذا كنت موحد, كان لك الأمن و الهداية. الأمن ينقسم إلى أمن في الدنيا و أمن في الأخرة.
ما الأمن في الدنيا و أين مكانه ؟
الأمن في الدنيا أمن القلب,
كلما زاد إيمانك زاد الأمن فعندما يأتيك بلاء لا يقع عليك ما يقع على ضعيف الإيمان.
الإيمان يُرطب البلاء, يُخفف من وقعته لأنك آمن أي مطمأن, تعرف ربك و تعلم أن من فعله أنه يُضيق الدنيا إختباراً ثم يفرجها.
يقول الشاعر:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت و كنت أظنها لا تفرج
ظن أنها لن تُفرج من كثر ما استحكمت لكن المؤمن لديه طمأنينة من أول الامر أنها ستُفرج فما يأتيه هذا الظن و يعلم أن الفرج قريب.
* هناك عبادة اسمها
( إنتظار الفرج )
أي أن العبد من حسن ظنه بربه متيقن بالفرج.
و انظر إلى أم موسى دخلها الخوف ثم ربط الله على قلبها و هذا هو مكان الأمن خصوصاً في الأزمات.
* هل الحزن يصادم الأمن ؟
الضيق لابد منه لكن كلما زاد الضيق تُفرّج على نفسك, يُفرّج هذا الضيق يقينك بالسعة.
* في اول سورة الملك يقول الله تبارك و تعالى :
" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ "
لماذا يُقال لك أنه تبارك و تعاظم
ثم أنه على كل شئ قدير
ثم هو الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم.
حتى يُقال لك:
كل أمر أنت عاجز عنه بأمره يصلك,
الدنيا كلها إبتلاء و إختبار
هل أنت مؤمن أنه مالك الملك
و انه على كل شئ قدير ؟!
إذا كنت كذلك فنظرات اليأس وقت البلاء و الإختبار ممنوعة ..
ألست على يقين أنه مالك الملك و أنه تبارك و تعاظم أن يظلم أحدا ؟!
* لماذا نكرر سورة الإخلاص ؟
" قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ "
كلمة واحد هي التوحيد,
تصمُد إليه,فيُقال لك لو كنت موحد ستأمن, ستجد ركن شديد تفزع إليه ,
أهم شئ لا تيأس, لا تمل, لا تُكدّر صفو نفسك بالتعلق بغيره, لا تنصرف عنه, لا تجعل أرزاقه و عطاياه تصرفك عن اللجوء إليه و الشكر له و بقاء الإنكسار له.
* لا يعتمد قلبك على أحد غير الله و سوف يكون جزاءك على ما كان في قلبك.
* إذا كان هناك ملِك و أَمَرَ بأن تُعطَى مائة ألف ريال فذهبت للحارس ليُسلمك المال,
قلبك لمن شاكر؟
بالطبع للملك. في مرة أخرى أردت مال ثم وجدت نفسك متعب, هل من الممكن ان تذهب للحارس مباشرة ليعطيك المال ؟ لا,
حتى لو ألحيت عليه, لماذا؟
سيقول لا أستطيع, أليس هذا ذل في غير محلة؟!
نحن نفعل مثل هذا المشهد كثيراً في حياتنا.
والله المستعان .
منقول من دروس الأستاذة الغالية اناهيد
حفظها الله
0 التعليقات :
إرسال تعليق