{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}231
{قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} 232
مفردات الجزائري
{ أجلهن }: أجل المطلقة مقاربة انتهاء ايام عدتها.
{ أو سرحوهن }: تسريح المطلقة تركها بلا مراجعة لها حتى تنقضي عدتها وتبين من زوجها.
{ ضراراً }: مضارة لها وإضراراً بها.
{ لتعتدوا }: لتتجاوزوا حد الإِحسان إلى الإِساءة.
{ هزواً }: لعباً بها بعدم التزامكم بتطبيق أحكامها.
{ نعمة الله }: هنا هي الإِسلام.
{ الحكمة }: السنة النبوية.
{ يعظكم به }: بالذي أنزله من أحكام الحلال والحرام؛ لتشكروه تعالى بطاعته.
{ بلغن أجلهن }: أى انتهت عدتهن.
{ فلا تعضلوهن }: أي لا تمنعوهن من التزوج مرة أخرى بالعودة إلى الرجل الذي طلقها ولم يراجعها حتى انقضت عدتها.
{ إذا تراضوا بينهم بالمعروف }: إذا رضى الزوج المطلق أن يردها إليه ورضيت هي بذلك.
{ ذلك يوعظ به }: أي النهي عن العضل يُكلف به أهل الإِيمان إذ هم القادرون على الطاعة.
{ ذلكم أزكى لكم }: أي ترك العضل خير لكم من العضل وأطهر لقلوبكم؛ إذ العضل قد يسبب ارتكاب الفاحشة.
ايسر التفاسير للجزائري
الآيتين الكريمة ٢٣١ - ٢٣٢
ما زال السياق في بيان أحكام الطلاق والخلع والرجعة في هذه الآية يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا طلق أحدهم امرأته وقاربت نهاية عدتها أن يراجعها فيمسكها بمعروف،
والمعروف هو حسن عشرتها أو يتركها حتى تنقضي عدتها ويسرحها بمعروف فيعطيها كامل حقوقها ولا يذكرها إلا بخير ويتركها تذهب حيث شاءت.
وحرم على أحدهم أن يراجع امرأته من أجل أن يضرّ بها فلا هو يحسن إليها ولا يطلقها فتستريح منه، فقال تعالى:
{ ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا } يريد عليهن حتى تضطر المرأة المظلومة إلى المخالعة فتفدي نفسها منه بمال.
وأخبر تعالى: أن من يفعل هذا الإضرار فقد عرض نفسه للعذاب الأخروي.
كما نهى تعالى المؤمنين عن التلاعب بالأحكام الشرعية، وذلك بإهمالها وعدم تنفيذها فقال تعالى: { ولا تتخذوا آيات الله هزواً } وأمرهم أن يذكروا نعمة الله عليهم حيث منَّ عليهم بالإِسلام دين الرحمة والعدالة والإِحسان وذلك ليشكروه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
كما عليهم أن يذكروا نعمة الله عليهم زيادة على الإِسلام وهي نعمة انزال الكتاب
والحكمة ليعظهم بذلك فيأمرهم بما فيه سعادتهم وكمالهم، وينهاهم عما فيه شقاؤهم وخسرانهم:
ثم أمرهم بتقواه عز وجل, فقال { واتقوا الله } وأعلمهم أنه أحق أن يُتقى لأنه بكل شيء عليم لا يخفى عليه من أمرهم شيء فيلحذروا أن يراهم على معصيته مجانبين لطاعته.
ينهى الله تعالى أولياء أمور النساء أن يمنعوا المطلقة طلقة أو طلقتين فقط من أن تعود إلى زوجها الذي طلقها وبانت منه بانقضاء عدتها،
إذا رضيت هي بالزواج منه مرة أخرى ورضي هو به وعزما على المعاشر الحسنة بالمعروف
سبب نزول
وكانت هذه الآية استجابة لأخت معقل بن يسار رضي الله عنه حيث أرادت أن ترجع إلى زوجها الذي طلقها وبانت منه بانقضاء العدة فمنعها أخوها معقل.
وقوله تعالى: { ذلكم يوعظ به } أي هذا النهي عن العضل يوجه إلى أهل الإِيمان بالله واليوم الآخر فهم الأحياء الذين يستجيبون لله ورسوله إذا أمروا أو نهوا.
وأخيراً أخبرهم تعالى أن عدم منع المطلقة من العودة إلى زوجها خير لهم حالا ومآلاً وأطهر لقلوبهم ومجتمعهم.
وأعلمهم أنه يعلم عواقب الأمور وهم لا يعلمون فيجيب التسليم بقبول شرعه، والانصياع لأمره ونهيه.
فقال تعالى: { والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
هداية من الجزائري
- لا يحل للمطلق أن يراجع امرأته من أجل أن يضرّ بها ويظلمها حتى تخالعه بمال.
- حرمة التلاعب الأحكام الشرعية بعدم مراعتها، وتنفيذها.
- وجوب ذكر نعمة الله على البعد وذلك بذكرها باللسان، والاعتراف بها في الجنان.
- وجوب تقوى الله تعالى في السر والعلن.
- مراقبة الله تعالى في سائر شؤون الحياة لأنه بكل شىء عليم...
- حرمة العضل أي منع المطلقة أن ترجع إلى من طلقها.
- وجوب الولاية على المرأة، لأن الخطاب في الآي كان للأولياء " ولا تعضلوهن ".
- المواعظ تنفع أهل الإِيمان لحياة قلوبهم.
- في امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه الخير كله، والطهر جميعه..
تفسير السعدي
٢٣١ - ٢٣٢
ثم قال تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ } أي: طلاقا رجعيا بواحدة أو ثنتين.
{ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي: قاربن انقضاء عدتهن.
{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } أي: إما أن تراجعوهن, ونيتكم القيام بحقوقهن, أو تتركوهن بلا رجعة ولا إضرار,
ولهذا قال: { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا } أي: مضارة بهن { لِتَعْتَدُوا } في فعلكم هذا الحلال, إلى الحرام،
فالحلال: الإمساك بمعروف
والحرام: المضارة،
{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } ولو كان الحق يعود للمخلوق فالضرر عائد إلى من أراد الضرار.
{ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا }
أي: لعبا بها, وهو التجرؤ عليها, وعدم الامتثال لواجبها، مثل استعمال المضارة في الإمساك, أو الفراق, أو كثرة الطلاق, أو جمع الثلات،
والله من رحمته جعل له واحدة بعد واحدة, رفقا به وسعيا في مصلحته.
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } عموما :
باللسان ثناء وحمدا،
وبالقلب اعترافا وإقرارا,
وبالأركان بصرفها في طاعة الله،
{ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ } أي: السنة اللذين بيّن لكم بهما طرق الخير ورغبكم فيها,
وطرق الشر وحذركم إياها, وعرفكم نفسه ووقائعه في أوليائه وأعدائه, وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون.
وقيل: المراد بالحكمة أسرار الشريعة, فالكتاب فيه, الحكم، والحكمة فيها, بيان حكمة الله في أوامره ونواهيه،
وكلا المعنيين صحيح،
ولهذا قال { يَعِظُكُمْ بِهِ } أي: بما أنزل عليكم,
وهذا مما يقوي أن المراد بالحكمة, أسرار الشريعة,
لأن الموعظة ببيان الحكم والحكمة, والترغيب, أو الترهيب,
فالحكم به يزول الجهل،
والحكمة مع الترغيب يوجب الرغبة،
والحكمة مع الترهيب يوجب الرهبة.
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } في جميع أموركم
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فلهذا بيّن لكم هذه الأحكام بغاية الإحكام والإتقان التي هي جارية مع المصالح في كل زمان ومكان.
[ فله الحمد والمنة ]
وهذا خطاب لأولياء المرأة المطلقة دون الثلاث إذا خرجت من العدة, وأراد زوجها أن ينكحها, ورضيت بذلك,
فلا يجوز لوليها, من أب وغيره;
أن يعضلها; أي: يمنعها من التزوج به حنقا عليه; وغضبا; واشمئزازا لما فعل من الطلاق الأول.
وذكر أن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإيمانه يمنعه من العضل، فإن ذلك أزكى لكم وأطهر وأطيب مما يظن الولي أن عدم تزويجه هو الرأي: واللائق وأنه يقابل بطلاقه الأول بعدم التزويج له كما هو عادة المترفعين المتكبرين.
فإن كان يظن أن المصلحة في عدم تزويجه, فالله { يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
فامتثلوا أمر من هو عالم بمصالحكم, مريد لها, قادر عليها, ميسر لها من الوجه الذي تعرفون وغيره.
وفي هذه الآية, دليل على أنه لا بد من الولي في النكاح, لأنه نهى الأولياء عن العضل, ولا ينهاهم إلا عن أمر, هو تحت تدبيرهم ولهم فيه حق.
حديث يبين سبب نزول
قال تعالى:
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (232)}
روى البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عن معقل بن يسار(( أنه زوج أخته رجلا من المسلمين فكانت عنده ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهوته فخطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع، أكرمتك بها زوجتكها وطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه، فأنزل الله {وإذا طلقتم النساء فبلغن} -إلى قوله- {وأنتم لا تعلمون} فلما سمعها معقل قال: سمعا لربي وطاعة. ثم دعاه وقال: أزوجك وأكرمك.
0 التعليقات :
إرسال تعليق